الأحد، 25 مارس 2012

كامب ديفيد خيار وحيد بين مصر وإسرائيل

اللواء محمود خلف الخبير الاستراتيجى فى شئون الشرق الأوسط
كامب ديفيد خيار وحيد بين مصر وإسرائيل


اللواء محمود خلف الخبيرالاستراتيجى فى شئون الشرق الأوسط أكد فى حواره لـ «الوفد» أن معاهدة السلام تمنع الهجوم المفاجئ على مصر كما حدث فى صباح 5 يونيو 1967، لأنها تحفظ فى وثائق الأمم المتحدة بشهادة الولايات المتحدة الأمريكية عليها،

ولهذا فهى خيار استراتيجى وحيد لمصر وإسرائيل بعدما دفعنا ثمناً باهظاً للسلام.. والتعامل مع أمريكا وإسرائيل يكون وفقاً للعلاقات الدولية التى لا تعرف الحب أو الكره لأنها تقوم على المصالح ولا تعرف المجاملات والعواطف، مع العلم أن أمريكا لديها أشياء كثيرة تضرنا وغيرها تنفعنا والتعامل معها لابد أن يكون من هذا المنطلق.. مضيفاً إلى أن إسرائيل تمارس لعبة الحرب النفسية والأحاديث الجوفاء الموجهة للمصريين، والمشكلة المصرية أن التحدث كثير عن الحرب وليس عن التنمية.. مع أن السلام يحقق الأمن القومى العالمى المحدد فى «الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف».
كيف ترى مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية بعد مرور 33 عاماً على معاهدة السلام؟
- هذا المستقبل مرهون بالسلام وأن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل هى خيار استراتيجى وحيد، وبالخبرة الطويلة أكثر من ثلاثين سنة مضت وترتب عليها أوضاع كبيرة جداً من كلا الدولتين لأنهما يحترمان الاتفاقية وبالنسبة لمصر توجد فائدة من السلام لأن مصر خيارها الاستراتيجى التمسك بالاتفاقية واحترامها طالما الطرف الآخر يحترمها، وهذا أيضاً بالنسبة لإسرائيل، لأن الدولتين دفعا ثمناً كبيراً للسلام، الذى له ثماره فى إسرائيل.. وهناك دعم دولى لمعاهدة السلام طبقاً للميثاق، فمصر لا تستطيع أو إسرائيل أن تلغى هذه الاتفاقية لأن الولايات المتحدة الأمريكية شاهدة عليها وهى إحدى وثائق الأمم المتحدة.
بعد 25 يناير ظهرت أصوات تطالب بإلغاء المعاهدة بحجة أنها تنتقص السيادة المصرية على سيناء؟
- كل هذه الأمور دعايات سياسية لأسباب انتخابية أو أسباب شخصية أو للدعاية الإعلامية لأن مفهوم السيادة غير منطقى من المتحدثين بهذا المنطلق لأنها لا تعنى وجود القوات المسلحة بل السيادة هى تطبيق القانون، ومصر تمارس سيادتها على سيناء.. وطرف آخر يتحدث عن قلة حجم القوات ويقولون فى خطوط معينة والمفترض عدم وجود قيد على أراضينا، وهذا الحديث ينقصه الكثير من الفهم العميق، لأنى شرفت بقيادتى لتلك القوات فى مراحل متعددة وأؤكد أن حجم القوات كافٍ جداً لحماية الحدود لأن الحرب لا تبدأ فجأة، وهذا الحجم فى مصلحة مصر وليس ضدها لأن الحدود الإسرائيلية أكثر من 200 كم2 وأيضاً فى المنطقة المقابلة لمصر فى إسرائيل لا توجد قوات وإذا أراد محاربتنا فعليه جمع قواته وهذا يحتاج إلى وقت حتى تحشد قواتنا على الطرف الآخر.
ما نتيجة السلام على أرض الواقع؟
- الاتفاقية تعطينا ميزة لأنها حرمت الطرفين من بعض بأن لا يقوم طرف بعمل مفاجئ ضد الطرف الآخر، فلن نصحو يوماً لنجد غارات جوية كما حدث صباح 5 يونيو 67 والاتفاقية من الناحية الفنية العسكرية تمنع نهائياً الهجوم المفاجئ على مصر وبالتالى لا نضطر لوضع حجم قوات عسكرية كبيرة وهذا مكلف جداً.. وسأعرض سيناء لاحتمال أن تشتعل فيها حرب لأننا عدنا إلى ما كان قبل يونيو 67، مع أن سيناء تحتاج إلى 250 ألف جندى ونحن الآن لدينا 25 ألفاً فى أماكن محددة، وسنرتفع بها عشرة أضعاف وسنحول سيناء إلى منطقة عسكرية لا مرور حدود ولا سياحة ولا تنمية وهذه الوحدات ستكون تشكيلات قتال وليست معسكرات إقامة.
ولهذا استمرت معاهدة السلام 33 عاماً؟
- بالطبع.. ولا توجد دولة عاقلة فى العالم يكون لديها هذه الميزة وتتركها لتحارب فاتفاقية السلام أعطتنا ميزة على أرض الواقع وهى بقوات قليلة نستثمر ولماذا يريد البعض أن نحارب إسرائيل هل لمجرد الحرب أم إذا اعتدت علينا؟ وأيضاً لا يوجد سبب يجعل إسرائيل تحاربنا.. ولكنها الشعارات وأنا من جيل رأى هذه المهاترات وشاهدت سيناء منذ 64، 67، 73 حتى السلام وقد كانت صحراء جرداء ولنا 180 ألف جندى متناثرون فى سيناء فى 1967 وتعبنا كثيراً حتى تصبح سيناء كما هى عليه الآن، ودخلنا حرب يونيو دون أى فائدة فلماذا نعود للوراء مرة أخرى؟ فقد استمررنا ننتقل من قطاع غزة للجنوب ثم للمحاور، إلا أن اليهود أفزعوا العالم كله بأن مصر ستحاربهم مع أننا كنا نعمل مظاهرات فأعطتهم أمريكا الضوء الأخضر لضربنا وحدث ما حدث وهذه النبرة موجودة الآن مع أن لدينا مشاكل كثيرة وأهمها نقص الغذاء، هل نضيع ما نقتات به على الحروب والتسليح الذى سيضيع فى المعركة.
أيضاً زاد الحديث عن الكشف عن ميزانية القوات المسلحة متعللين بالشفافية؟
- تحدثوا عن القوات المسلحة كأنها وزارة عادية أو مؤسسة تجارية، وهذا لا يجوز لعدة أسباب: لأن بند التسليح فى القوات المسلحة محظور نشره أو تداوله إلا بين مجموعة معينة وفى دائرة مغلقة لأن كشف هذا البند هو أخطر مؤشر يعكس الحالة الحقيقية القتالية لأى جيش وأتحدى هؤلاء بأن يأتوا بأى ميزانية تسليح لأى دولة فى العالم، خاصة إسرائيل لأنها بلد الديمقراطية ولا ننكر هذا ولكننا لم نسمع أبداً حرفاً واحداً عن ميزانية التسليح الإسرائيلى، فالصراع دائم بين طرفين وكل طرف يريد أن يعرف نوايا الآخر خلال السنوات الخمس القادمة، هل توجد نية للهجوم أم ستستمر حالة الدفاع، ولن يجيب عن هذا السؤال إلا لو عرف أى طرف ميزانية تسليح الآخر.
ماذا يحدث فى هذه الحالة؟
- نحن نأخذ بالأحوط، وليس لدينا مشكلة فى كشف الميزانية، لو أن إسرائيل أعلنتها سنعلنها ونفعل مثلها لكنها لن تعلن أبداً عن ميزانية التسليح، إذاً الأحوط ألا نعلن وندعهم يتكهنون، والقضية ليست رقماً بل تفاصيل هذا الرقم الذى يشمل محركات الطائرات التى يتم تغييرها والمعدات التى تتم لها صيانة، ونوع الإمكانيات التى نريد شراءها، وما التدريبات التى تقوم بها القوات لأن المحللين يعرفون جيداً كيف يفندون هذا الرقم الموجود فى الميزانية، فهل من يطالب بكشف ميزانية التسليح يريدنا مثل السوبر ماركت مع أن تفاصيل تقنيات مصانع السيارات أو الموبايلات فى العالم سر من الأسرار، وذلك فى إطار المنافسة التجارية وليس لها علاقة بالحرب فما بالنا بدولة تريد أن تحافظ على أمنها وسلامتها.
الحجة أن الجيش يقوم بمشروعات اقتصادية؟
- هذا الجانب نتعامل معه مثل أى منشأة تجارية ولا توجد مشكلة فى كشف ميزانيته وهو بهذه المشاريع يحقق الاكتفاء الذاتى له، ثم لتنمية المهارات المهنية فى المجتمع ويساهم فى مشروعات الدولة وهذا خاضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، ولذلك اسمه جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ولن يخفى أنه أقام مشروعاً.. ولكن ما يخص التسليح فكل الدول لديها لجان برلمانية للأمن القومى تتكون من أشخاص محددين يتداولون الأسرار الخاصة بالدولة ويكونون مسئولين عنها وإذا تسربت يتعرضون لحساب عسير وهذا متبع فى مصر.
معاهدة السلام عليها مؤشرات داخلية وخارجية؟
- فى السابق كان كل مؤشر منعزلاً عن الآخر لكن فى عالم اليوم الفصل بينهما أصبح خطأ لأن كلاهما يؤثر على الآخر فى ذات الوقت، والدليل على هذا تحويل الأموال بالموبايل، ووجود محاكم، ولا تستطيع دولة أن تفعل ما تريد فى مشاريع الاستثمار، فأصبحت سيادة كل دولة بما فيها أمريكا تخضع للقانون الدولى بوجود التحكيم الدولي، ولهذا لا أحد يستطيع القيام بعمل سياسى لخدمة الداخل دون حساب تأثيره من الخارج ولا نعتقد إذا حدث مكسب فهو مكسب سياسى أو إخفاق فهو إخفاق سياسى فهذا ليس صحيحاً فلم يعد يوجد تناقض ولهذا تعمل الدول على الاستقرار والإنتاج فهما القدمان اللتان تقف عليهما الدولة وتصبح سياستها الخارجية جيدة ويكون لها علاقات ممتازة.
كيف نطبق هذا المناخ على الحالة المصرية الإسرائيلية فى ظل صعود التيار الإسلامى السياسي؟
- نحن وإسرائيل فى حالة سلام.. وأنا متابع جيد لأدبيات الإخوان المسلمين كرجل محايد ومحلل استراتيجي، فالإخوان المسلمون عنصر رئيسى فى البناء السكانى والاجتماعى المصرى والآن وفى النظام الديمقراطى أصبحوا عنصراً فى النظام السياسى ولهم أسلوب رشيد فى التفكير ووعى بالأبعاد جيد جداً وإلا ما استمروا ثمانين عاماً فى ظل المتغيرات التى طرأت عليهم.. هذا بالرغم من التصريحات التى تقال للاستهلاك السياسى فهذا موضوع آخر!! ونحن وهم يدركوا التخوف لدى إسرائيل من صعود التيار الدينى المتشدد والسير بالنهج الإيراني، ولكن الشعب الذى أتى بهم أغلبية اختارهم لحل مشاكلهم الاجتماعية وحزمة المشاكل المحددة فى البطالة والإسكان والفقر وسوء أحوال المعيشة ووثقوا فى أنهم سيحلون هذه المشاكل ولم يختاروهم لمحاربة إسرائيل. والشعب ينتظر الحلول وإذا فوجئ باستمرار المشاكل فلن يسألهم أنجزتم كم خطبة رنانة بل سيطالبهم بالنتائج والحلول.
هذا ملف ثقيل وصعب يتصدى له تيار سياسى بمفرده؟
- هذا صحيح.. وأيضاً الخارج مرتبط بالداخل ولن يستطيعوا تحسين الأمور فى الداخل إذا عملوا «توتر» و«تدهور» فى الخارج ومصر فى حاجة إلى تدفق أموال الاستثمار وهذا له قنوات لا يستطيع أن يتحكم فيها أحد، والمستثمر يجد تسهيلات فى الخارج أكثر مما لدينا فلابد أن يبحثوا عن هذه التسهيلات خاصة أن البعض قال: نجمع الأموال من الداخل كيف هذا لأن حجم الأموال حينها لن يزيد، والبعض الآخر طالب برفض المعونة. وأقول إدارة الدولة ليست إدارة شخصية كالمنزل وتقول نتحمل يومين وتمر الأزمة بالطبع هذا لا يصلح مع دولة لديها شعب يحتاج إلى مزيد من المتطلبات.
بعض السياسيين يتعاملون مع العلاقات الدولية بالمعطيات الشخصية من حب أو كره، فما تأثير ذلك؟
- العلاقات الدولية لها معطيات أخرى لا تعرف المجاملات أو العواطف لأنها تقوم على المصالح فلابد من تحرير المصالح فى حدود لأنها معقدة وبها توازنات دقيقة وليس لدينا حل آخر، فالذى يعيش فى العالم عليه أن يتعامل بشروطه وليس على شروطه هو ولهذا فالدول ليست حرة فى حركتها فى المجتمع الدولى ويجب أن تسير وفق ما يسير عليه المجتمع الدولي، ونحن الآن نتحدث نفس الحديث السياسى الذى قيل قبل 1967 «اللى مش عاجبه البحر الأبيض يشرب من البحر الأحمر» فشربونا من مياه المجاري!! وكان الشعب يصفق لأننا كنا ندير المسألة بالحب والكره والعواطف.
هذا عن الخطاب السياسى المصرى وماذا عن الخطاب الإسرائيلي؟
- نحن نفهم الخطاب السياسى فى الاستراتيجية الإسرائيلية لأن إسرائيل لديها لعبة الحرب النفسية والأحاديث الجوفاء، وإنما التوجه الاستراتيجى من الداخل هو المهم ونحن نفهمه أيضاً ولا يمس، أما الأحاديث السياسية التى تتناثر هنا وهناك فهى أدوات مرسومة فى إسرائيل.. ومن قبل «ليبرمان» قال: سنضرب السد العالى وهى إشارة ولكنه جاء للحكم ولم يحدث شىء ولن يستطيع ونحن لا نأخذ التصاريح السياسية الإسرائيلية كما لو كانت ركائز فى السياسة الإسرائيلية بل هى رسائل حرب نفسية ترسلها لنا نحن المصريين ولابد أن نفهمها لأنها لاعبة ماهرة جداً فى هذا الشأن.
وكيف يتعامل الإعلام فى مصر وإسرائيل مع القضايا المتعلقة بالآخر؟
- الإعلام الإسرائيلى منضبط للغاية خاصة فيما يتعلق بأمن وسلامة إسرائيل حتى لو يوجد موضوع حقيقى لا يبرز فى الإعلام طالما يمس الأمن، والرقابة العسكرية مفروضة على وسائل الإعلام فيما يمس أمن وسلامة إسرائيل مع أنها دولة ديمقراطية ولا نختلف عليها.. ولكن إذا قالوا سرية فهى سرية، وإذا ظهر خطر يهدد إسرائيل الكل يتوحد ضده ويصمتون ولا يدلون بدلوهم فيه هذا هو الإعلام الإسرائيلى وليتنا نكون مثلهم فى مصر وليس عيباً أن نتعلم منهم، لأنه توجد أحاديث يضخمها أو يهبطها وهذا يؤثر على الأمن القومى المصرى وللأسف الشديد النظام السابق كان يتعامل بالإعلام بطريقة معكوسة لأنه كان يضخم الإيجابيات ويقلل من السلبيات، وبعد 25 يناير أصبحنا نعكس ما كان يفعله نظام «مبارك» نقلل الإيجابيات ونضخم السلبيات.
أيهما يصب فى صالح وطنه: الخطاب المصرى أم الإسرائيلي؟
- دون شك الخطاب الإسرائيلى يصب فى صالحهم والخطاب المصرى لا يصب فى صالحنا نهائياً لأن جوهر الأمن القومى مسئولية كل مواطن وليس الأحاديث السرية لكنه فى أحاديثنا كمواطنين وفى حواراتنا الإعلامية التى تشكل الرأى العام وتبنى أفكاره التى تقوم بها وسائل الإعلام المستنيرة، وضرب جوهر الرأى العام أخطر من هزيمة الجيش لأنه ينتج فكراً مشوهاً لا يرى ولا يتنبأ، ولهذا آراء الشارع المصرى مختلفة والسبب هو انعكاس سياسات إعلامية متفرقة فى الموضوع الواحد، لأن المواطن ليس لديه وقت أو استعداد ليرى كل البرامج والآراء فيكتفى بمصدر واحد فيعطيه اتجاهاً وغيره يكتفى باتجاه واحد آخر.. فالإعلام المصرى بدون منهج علمى جيد حتى يخرج المتلقى برؤية جيدة فأصبحت الرؤية مشوشة، والإعلام الذى يفرق المجتمع ولا يوحده هو دعاية سوداء، مع أن الإعلام السابق كان يوحدنا على الخداع أى على الإيجابية المضخمة والسلبية المخفضة.
ما تبعات معاهدة السلام على المجتمع المصري؟
- السلام لا يختلف عليه أحد، وأنا رجل عشت فترة شبابى كلها فى حروب بدءاً من حرب اليمن وحرب يونيو 67 ثم الاستنزاف، إلى نصر أكتوبر 1973، والإسلام حريص على السلام وتحيتنا السلام، وهذا السلام يذهب بنا إلى الأمن والاستقرار والتنمية وتحقيق الآية القرآنية فى الأمن القومى العالمى «الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف» فالجوع يعنى الاقتصاد، والأمن هو السلام فالسعى إلى السلام معناه لا ننفق ميزانيتنا على الحرب والاستعداد بالسلام وليس بالحرب على الآخرين، لكن لحماية أنفسنا، لأن العدوان على الآخر محرم شرعاً وقواتنا المسلحة ليست للاعتداء بل الحفاظ على أمن وسلامة البلاد والدفاع عن حدودنا، وهذه نظريات مستقرة عالمياً، ومن ثم لابد أن نحرص على اتفاقية السلام ولنسأل الذين يتجهون بالرأى العام إلى الحرب، سيناء هل تريدونها منطقة عسكرية أم سياحية وصناعية وزراعية؟ ولنرى تداعيات الحلين «حرب ودمار» أم «تنمية واستقرار»، وإذا ألغيت المعاهدة لابد أن نضع فيها قواتنا المسلحة لأنها لن تبات فى أيدينا ليلة واحدة تابعة لمصر.
ولماذا إلغاء المعاهدة فهل من الممكن تعديلها؟
- الذين يتحدثون عن معاهدة السلام لابد أن يقرأوها أولاً.. لأن إعادة النظر فى المعاهدة موجود فى نص المادة الثانية، إعادة النظر بموافقة الطرفين وأيضاً وجود اللجوء للتحكيم، والولايات المتحدة الأمريكية ضامنة لهذه المعاهدة وبنودها وبها قيد أنه لا يجوز لأى طرف أن يقوم بإلغاء هذه الاتفاقية إلا بعد العرض على مجلس الأمن، فمصر أو إسرائيل لا يستطيعان إلغاء المعاهدة بقرار فردي، ولكن مشكلتنا فى مصر نحب نتحدث عن الحرب كثيراً جداً ولا نتحدث عن التنمية مع أنها هى الأمن كما لو أننا متكاملون اقتصادياً، والحرب الآن هى الحرب الاقتصادية وليس الحرب العسكرية، ومعركة الغذاء هى الأخطر لو خسرنا معركة التنمية فلن يوجد لدينا جيش وسنكون مثل الصومال، فلماذا لا نتحدث عما بعد السلام.
واتفاقية الكويز قامت بناء على معاهدة السلام وهى شق اقتصادي؟
- اتفاقية الكويز يتم مهاجمتها أيضاً مع أنها فى صالحنا اقتصادياً، ولو نظرنا إلى نسبة الاتحاد الأوروبى مجتمعاً فى الكويز لوجدناها (32.5٪) ونسبة مصر (11.5٪) وطلب الاتحاد الأوروبى من أمريكا زيادة نسبته لتصل إلى (35٪) وتم الرفض.. والذى يهاجم الكويز لا يعرف أنه توجد مشكلة كبيرة وهى معاهدة التجارة الحرة الدولية وهى مصيبة كبرى لأنها للدول الغنية فقط، وجاءوا للدول الفقيرة وعملوا طريقاً صغيراً لتمر منه بالكويز، والقانون الأمريكى وضع ضوابط بأن كل ما ينتج فى إسرائيل يعتبر منتجاً أمريكياً، والكويز تعنى أنها منتج أمريكى حتى لو كانت نسبتها 1٪ حتى تدخل الأسواق الأمريكية بعيداً عن المنافسة العالمية وتعداد العاملين فى هذه الصناعة تجاوز المليون إذا نحن ننتج ونرسل لأمريكا عن طريق الكويز، والعالم كله يتمنى هذا لإنعاش اقتصاده لأن المعركة القادمة هى معركة الغذاء وليست معركة دبابات.
كيفية تجاوز العامل الشعبى الذي يعتمد على العاطفة فى تحديد السياسات؟
- بالفعل لأن هذا أمر بالغ الخطورة والأهمية وهى مسألة معقدة، ولهذا نطالب كل من يهمهم أمن وسلامة البلاد بأن يكون الحوار ديمقراطياً وعقلانياً فى وسائل الإعلام.. لأن الحوار أصبح حواراً تخوينياً يا «مع» يا «ضد»، والإعلام يلعب دوراً خطيراً جداً فى هذا، وإذا طالبنا بالالتزام يقولون أين حرية الرأى؟ وهم لا يعلمون أن حرية الرأى لابد أن تكون مسئولة وإذا لم يكونوا فاهمين لما يحدث بهم وحولهم فهذه كارثة وأذكر ونحن فى مأساة يونيو 67 والعلم الإسرائيلى مرفوع على سيناء، ولا نعرف ماذا نفعل، والشعب غاضب من القوات المسلحة فسألنا من السبب وما الحل هل الإعلام أم الجيش أم السياسيون؟ فخرجت مقولة لا أعلم مصدرها ولكنها ترسخت تقول: «لا يرتفع أى وطن إلا بسواعد الشرفاء من أبنائه» ولهذا فكل مواطن يريد أن يبنى فلينضم إلى قافلة الشرفاء كل فى مجاله عسكري، إعلامي، سائق، طبيب... إلخ، ولا نجلس فى مجالس المنتقدين لأننا كلنا خطائون.
هل الحكومة أصبحت تسير وراء رغبات الشارع؟
- من الصعب وليس من العدل أن أتحدث عن حكومة تصريف أعمال وأقيمها لأنها تؤدى يوماً بيوم فى ظروف بالغة القسوة والضراوة، ولكن بعض السياسيين هم الذين يسيرون وراء رغبات الشارع.
لكن بن اليعازر قال: مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية مظلم؟
- بن اليعازر وزير الدفاع ويطلق عليه فى إسرائيل (دادو) وهذا الكلام لا نأخذه مأخذ الجد أو أنه مفيد لنا بل هو مفيد لهم، لأن إسرائيل فى التصريحات العسكرية تحاول أن تخدم الموقف السياسى فى إسرائيل، وعندما يريدون أن يخيفوا الشعب الإسرائيلى يخيفونه، وإذا أرادوا أن يعطوه الثقة والأمان يفعلون وفى هذا ممكن أن نستمع إلى عكس هذا غداً، تبعاً للحالة المزاجية الإسرائيلية وهكذا فهم عندما يقلق الشعب الإسرائيلى القادة يطمئنونهم، وعندما يجدونهم تركوا القضية ويريدون تمرير شيء يقلقونهم ويخيفونهم وينشطونهم وهذا اتزان يهودى ولهذا نحن نتعامل مع هذه التصريحات بدراسة وموضوعية.
يوجد تخوف من وصول رئيس يعمل على توتر العلاقات المصرية الإسرائيلية ويهدد السلام حسب الأهواء والأمزجة؟
- لأنه لن يحدث لأن مصر تتجه إلى تأسيس صناعة القرار ومرحلة صناعة قرار الأمن القومى المصرى المرتبط بشخص انتهت بسقوط نظام «مبارك» ولا أقصد أن كل ما كان متعلقاً بمبارك كان «زفت»!! لأن قرار الأمن القومى دائماً كان متوازناً وإلا كنا دخلنا فى حروب من زمان.. ولا نغفل أن إدارة العلاقات الدولية دائماً ما تفرض موقفاً معيناً ولكنه دائماً ما يكون مرناً ويتغير بالتغييرات التى حوله وأقول هذا حتى لا نجد أنفسنا نتخذ قراراً كما كان يتخذ فى السابق حتى نتعلم من أخطائنا ولا نكررها.
كيف يكون التعامل مع الهيمنة الأمريكية فى الشرق الأوسط.. فهل مصر أمام خيارين: الصراع أو التابع؟
- السياسة الدولية والصراع مع الأمريكان لابد أن تكون وفق القاعدة الأمريكية وليس وفق القاعدة المصرية فى هذا السابق واللاحق، وعندما ننتج رغيف العيش بنسبة 100٪ فى مصر فلنفعل ما نشاء، ولكن مازلنا نستخدم القمح الأمريكى القادم فى المعونة ولهذا أمريكا لديها أشياء كثيرة جداً تضرنا، وغيرها تنفعنا ولابد أن نتعامل مع أمريكا من هذا المنطلق، بعدما جربنا عداءها فى 56 و67 والاتحاد الأوروبى لا يستطيع أن يعادى أمريكا أو يفعل معها ما يريد كما نريد أن نفعل، فالكلام العشوائى لا يدير سياسة دولية والأصل فى العلاقات الدولية هو علاقة الصداقة والسلام.. لكننا نريد أن نعادى هذا وذاك ونعود إلى بيوتنا ونجد الطعام والكهرباء والمياه ونخرج صباحاً لنجد أعمالنا كيف هذا؟
لكن أمريكا طغت وتجبرت فيما سمى قضية التمويل الخارجي؟
- هى أزمة إعلامية أكثر منها سياسي وأقرأها بأكثر من طريقة «ورب ضارة نافعة» ومن البداية كان يجب عدم استفحال الأزمة، مع أن الإجراءات التى اتخذتها النيابة العامة كانت من حقها، ولكن البعض ضخمها وصورها على أنها مصيبة بالرغم من أنه إجراء عادى ويوجد أناس تخرج من النيابة بضمان محل الإقامة، وبعد انتهاء التحقيق يتهم أو يبرأ.. والإعلام صور الأزمة وكأنها قرار سيادي، ونعامل معاملة القرار السيادى أو من قرارات الحرب الكبري، وعندما أصدرت المحكمة حكمها أشاعوا أن هناك صفقة مع أنى أستبعد وجود الصفقة.. لأن الذى طلب القبض عليهم، والذى أصدر قرار الإفراج هو القضاء، ولكن المشكلة أن هذا تأخر والمسألة قانون وملابسات، والإعلام لم ير الورق ولا يعرف القانون، ومع هذا فإنها نفعت فى عدم الحديث عن المعونة والسيناريو لو صار عكس ما حدث فلم نكن استفدنا منها يعنى صدر القرار ولم يعلق عليه أحد أو لم نكن علمنا به.
مصر حليفة لأمريكا فلماذا تهددنا بقطع المعونة؟
- هذا شيء طبيعي، لا توجد دولة تعطى لله والسياسة الأمريكية فى المساعدات الاقتصادية التى لم ننتبه لها من بداية العام الماضي، عندما صرح الكونجرس باستخدام جزء من المساعدات فى منظمات المجتمع المدني، ولكن هانأخذه فى مصر على الجمعيات غير المنضبطة لأن المساعدات مطلوبة ومنظمات المجتمع المدنى أيضاً.. ولكن لماذا لم تخرج هذه المنظمات إلى الإعلام وتفند الأموال التى تلقتها وتعلن فى أى أوجه تم صرفها؟ لأنه توجد منظمة حصلت على خمسة وأربعين مليون دولار ولا نعرف فى أى شىء أنفقت؟
ولكن الإعلام لم يساعد على هذا ويستضيفهم ويسألهم عن أوجه الإنفاق.. بل قال: مداهمة المقرات مع أن من حق النيابة أن تفعل ما فعلت، ولكن الإعلام تحدث كلاماً سياسياً عن قضية قانونية ويربطها بالحرية والحق والديمقراطية فى أزمة قانونية.

المصدر : الوفد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق