في مقاله "وجهة نظر" بصحيفة "المصري اليوم" رأى الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أنه يتعين علينا أن ندرك أن مشروع أسرة مبارك لتوريث السلطة وضع المؤسسة العسكرية المصرية في موقف لا تحسد عليه، وجعل رفضها للمشروع أمرا حتميا ولا يتيح أمامها خيارا آخر وذلك لسببين ..
الأول : أنه يعني نقل السلطة منها إلى مؤسسات الدولة المدنية ، وبالتالي يحرمها إلى الأبد من مزايا عينية ضخمة ، وهو أمر صعب في حد ذاته وله تداعياته المعقدة ،
والثاني : أنه يعني نقل السلطة من الأب إلى الابن، وبالتالي تقويض دعائم النظام الجمهوري نفسه ولأن المؤسسة العسكرية المصرية تعتبر نفسها صاحب الإسهام التاريخي الأكبر في تأسيس النظام الجمهوري في مصر والقضاء على النظام الملكي ، فقد كان من الصعب عليها أن تقبل بمشروع لتوريث السلطة في ظل نظام جمهوري لا يمكن النظر إليه إلا باعتباره مشروعا مشينا ، خصوصا أنه سبق لمبارك نفسه أن صرح قائلا : "إن مصر ليست سوريا"!.
وقال الكاتب "لقد كان بوسع مبارك ، بوصفه ابنا للمؤسسة العسكرية المصرية، أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه، لو كان يرغب حقا في نقل السلطة إلى مؤسسات مدنية منتخبة .
فقد كان يكفيه في هذه الحالة تطوير نظام تعددي أرسى الرئيس السادات لبناته الأولى خلال سنوات حكمه المبكرة ، قبل أن يرتد عليه ويوقفه نموه الطبيعي ، ووضعه على الطريق الذي يمكنه من التحول إلى نظام ديمقراطي حقيقي".
وأضاف "الغريب أن تصريحات مبارك في البداية كانت مبشرة ، حيث بدا في ذلك الوقت زاهدا، ليس فقط في السلطة ولكن في الثروة أيضا (الكفن ملوش جيوب) ، غير أن السنوات اللاحقة كشفت ، بما لا يدع مجالا للشك ، أن طمعه في السلطة ، وفي الثروة أيضا ، كان بلا حدود .. فهو لم يكتف بالجلوس على قلب مصر 30 عاما كاملة، نهب خلالها جزءا كبيرا من ثرواتها، وإنما أراد أيضا نقل السلطة إلى ابنه، وكأنها جزء من متاعه ومقتنياته الشخصية، وربما كان من الطبيعي قبول "أولاد مبارك" في الجيش بسلطة قائدهم، حتى لو استمر فيها مدى الحياة، لكن كان من الصعب عليهم أن يقبلوا بتوريث سلطة الجيش إلى مدني ، حتى ولو كان ابنا لقائدهم الأعلى، وربما لو كان الابن عسكريا لاختلف الأمر!".
واختتم الكاتب مقاله قائلا "توحي طريقة المجلس الأعلى في إدارة المرحلة الانتقالية ، منذ بدايتها حتى الآن، بعدم الجدية في نقل السلطة إلى مؤسسات مدنية منتخبة ، لكن الوقت لم يفت بعد ليثبت العكس ، ولا تزال أمامه فرصة حقيقية للتأكيد على أن رفضه مشروع التوريث يعني في الوقت نفسه قبوله مشروع التغيير".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق