بدون تردد
الشعب.. والجيش.. والثورة
محمد بركات
مع إشراق شمس اليوم يكون قد مر عام كامل علي ثورة الخامس والعشرين من يناير، التي فجرها الشباب، والتف حولها الشعب، واحتضنتها قواته المسلحة، ووفرت لها الدعم والحماية، وتعهدت والتزمت بإستمرار الحماية والدعم حتي تحقيق الثورة لأهدافها، التي هي أماني وطموحات شعب مصر العظيم، في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية في دولة ديمقراطية حديثة تقوم علي سيادة القانون، وحقوق الإنسان، والمساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات علي أساس المواطنة دون تمييز، ودون تفرقة.
وبهذه الحماية، وهذا الدعم وذلك التعهد، وتلك الإلتزمات يكون جيش مصر الباسل، شريكاً فاعلاً وأساسياً في ثورة الخامس والعشرين من يناير، وأقول شريكاً فاعلاً وأساسياً، وليس شريكاً بالانتساب كما يقول البعض ورغم ما يروجه البعض الآخر، مع إحترامي الكامل لكل الآراء، ومع تفهمي للبواعث، والمسببات، والدوافع، وراء بعض الرؤي التي تقول بغير ذلك، وتروج لنقيضه، متعللة بالتباطؤ في بعض القرارات ومستندة في رؤيتها الي بعض السلبيات التي شابت عملية الإدارة المدنية والسياسية للدولة خلال الفترة المؤقتة.
وفي تصوري ان هذه الآراء، وتلك الرؤي الملقية باللوم علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة، والمنتقدة لأسلوب إدارته للبلاد، وتعامله مع المشاكل والقضايا خلال الفترة المؤقتة والانتقالية، تتناسي، أو تتجاهل بسوء الفهم أحياناً، وسوء القصد أحيانا أخري، أن هناك إختلافاً جوهرياً، بين الطبيعة العسكرية، ومنهج وأسلوب التعامل في القوات المسلحة، القائم علي الإلتزام الكامل بالخطط والتعليمات، والتنفيذ الدقيق للأوامر والواجبات، وبين طبيعة الإدارة المدنية القائمة علي المواءمات، والحلول الوسط، والأخذ والرد.
كما يتناسون أو يتجاهلون حقيقة أن المجلس الأعلي قد وجد نفسه، فجأة، ودون إستعداد، مضطرا الي تولي الإدارة المدنية للدولة، في ذلك الظرف الدقيق وبالغ الحساسية والخطر الذي تمر به البلاد، وفي وقت تهاوت فيه كافة المؤسسات والأعمدة الرئيسية في الدولة المصرية، فما كان منه إلا ان تحمل تلك المسئولية الجسيمة حفاظا علي البلاد وحماية لأمنها القومي، ودعماً للثورة ووفاء بالعهد الذي قطعه علي نفسه للحفاظ علي المصالح العليا للشعب والوطن مع الإلتزام المعلن والواضح بتسليم السلطة كاملة الي إدارة مدنية منتخبة، وفق خارطة طريق محددة ومؤكدة.
وإنطلاقاً من ذلك، قام المجلس الأعلي بتسليم السلطات التشريعية والرقابية بالفعل، الي البرلمان الجديد، فور انعقاده في أولي جلساته أول أمس، والتي جاءت بعد أول انتخابات ديمقراطية شفافة ونزيهة تشهدها البلاد طوال السنوات الماضية،..، كما جاءت تنفيذاً عملياً لما إلتزم به المجلس، وترجمة واقعية لرغبته المؤكدة لتسليم الأمانة الي أهلها، وترقبه لتسليم كامل السلطات، في يونيو القادم، الي رئيس الجمهورية فور إنتخابه.
وفي هذا الاطار، ومع احترامي لكل الآراء المخالفة، تكون محاولات التشكيك في موقف المجلس الأعلي، ورغبته في تسليم السلطة في غير محلها،..، وتكون كافة النداءات المطالبة بأن يكون اليوم، وفي مناسبة مرور عام علي الثورة، هو يوم المطالبة بتخلي المجلس الأعلي عن السلطة، هي مطالبة في غير أوانها، بل ولا تقوم علي أساس صحيح يضع المصالح العليا للوطن موضع الإعتبار.
ليس هذا فقط، بل وأزيد علي ذلك بالقول، أن الدعاوي القائلة بأن شيئاً لم يتحقق في مصر من أهداف الثورة، هو قول فيه تجاهل للواقع الذي يقول بغير ذلك،..، وعلي من يتشكك أن ينظر الي واقع الحال قبل يوم الخامس والعشرين من يناير العام الماضي، وبين واقع الحال اليوم.
ياسادة،..، دعونا نحتفل اليوم بمرور عام علي الثورة، وما تحقق بالفعل،...، ودعونا أيضاً نجدد الإلتزام والعهد بإستمرار الثورة حتي تتحقق كل أهدافها النبيلة، في الحرية والكرامة والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، فهذا حق الشعب والجيش والثورة معاً.
المصدر: الاخبار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق