الأربعاء، 25 يناير 2012

مبارك وزمانه من المنصة إلي الميدان (الحلقة الثالثة و الرابعة)

(أسامة الباز) يعرض لمفاتيح شخصية (مبارك)، و (منصور حسن) له رأى آخر، والحقيقة أكثر غرابة!
مبارك وزمانه من المنصة إلي الميدان (الحلقة الثالثة) .. سؤال واحد وأجوبة كثيرة

محمد حسنين هيكل

وتدفقت مياه كثيرة بين ضفاف كل الأنهار، حتى جاء «خريف الغضب» سنة 1981، ووقع اغتيال الرئيس «السادات»، وأصبح نائبه «حسنى مبارك» مرشحا لخلافته، وتقرر الاستفتاء على رئاسته، وكانت اعتقالات سبتمبر الشهيرة سنة 1981 قد زجت فى السجن بأعداد من الساسة والنقابيين والكُتَّاب، وراح المعتقلون فى سجن «ملحق مزرعة طرة» ــ وكنت بينهم ــ يتابعون ما يجرى خارج أسوار السجن، لكن مصادر المعلومات كانت شحيحة ومتقطعة داخل هذه الأسوار!!

وذات يوم فى تلك الفترة جاء إلى سجن «طرة» أحد مشاهير المحامين، وطلب لقاء ثلاثة من المعتقلين، كلا منهم على انفراد: «فؤاد سراج الدين» (باشا) ــ و«فتحى رضوان» ــ وكنت الثالث.

وفى غرفة مأمور السجن وقتها، العقيد «محمود الغنام»، التقى المحامى بكل منا على انفراد، وكان طلبه أن يسلمه المعتقلون السياسيون فى «طرة» بيانا بتأييدهم لانتخاب «مبارك» رئيسا، والإيحاء فيما يطلب بأن ذلك يسهِّل خروجهم من السجن، دفعة مقدمة لحسن المقاصد! ــ والمدهش أن الثلاثة ــ وكل منهم مع الرسول على انفراد ــ أبدوا نفس الرأى بما معناه: أنه لا يليق بسجين الرأى أن يؤيد مرشحا فى انتخابات الرئاسة، خصوصا إذا كان المرشح هو نفسه نائب الرئيس الآن، فذلك ليس مشرفا للسجين، وليس مشرفا للمرشح، لأن حرية الاختيار لا تُمارس من خلف القضبان، كما أن ممارسة الحرية من داخل زنزانة سجن لا تنفع صاحبها، ولا تنفع المقصود بها، لأنها معرَّضة للظنون والشبهات!!

وتم الاستفتاء، وجرى انتخاب «مبارك»، وتلقيت بعدها بأيام رسالة عنه نقلها إلىَّ على تليفون مكتب مأمور السجن الدكتور «أسامة الباز» (وهو المستشار الأول للرئيس الجديد) مؤداها: «أنه تقرر الإفراج عن المعتقلين السياسيين على دفعات، وأن ذلك سوف يبدأ تنفيذه بعد مرور الأربعين (يوما) من وفاة الرئيس «السادات»، والرئيس الجديد يرجو أن نتحمل البقاء حيث نحن (فى طرة) حتى تنقضى الأربعون!!».

●●●

وطلب «أسامة» أن أنقل ما أبلغه لى لمن أرى من رفاق السجن، وحين نقلت رسالة الليل إلى رفاق السجن فى «فسحة» الصبح، تفاوتت ردود أفعالهم.

كان رأى الأستاذ «فتحى رضوان» مستثارا: «إنها خرافة تقاليد القرية»، و«منطق كبير العائلة» يحكم الرئيس الجديد طبقا لعقلية سلفه!!».

وكان رأى «فؤاد سراج الدين» أكثر واقعية: «إن الرئيس الجديد ربما يخشى اتهامه بنقض قرارات سلفه، وأن إبلاغنا رسالة طمأنة مقصودة ــ لنا ولغيرنا».

وعلى أى حال قالها «فؤاد سراج الدين» موجها حديثه إلى «فتحى رضوان»: «لاحظ «أنهم» جميعا فى حالة صدمة، وكلهم فى موقف صعب، ويكفينا ــ الآن ــ أنهم قرروا الإفراج وأبلغونا به، وهذه إشارة واضحة».

وواصل «فؤاد سراج الدين» وكلامه مازال موجَّها إلى «فتحى رضوان»:

«وافرض أنهم أفرجوا عنا فورا، فماذا سنفعل، سوف يكون علينا أن ننتظر ما تتطور إليه الأمور، فإذا كان الانتظار، فلماذا لا يكون الانتظار هنا بدل أن نتوه بعد الخروج فى أحوال مضطربة كنا معزولين عنها ــ خصوصا أننى أتوقع بعد هذه الرسالة أن تتحسن المعاملة، وأن تنتظم اتصالاتنا بالخارج، عندما يجيئون لنا بالصحف، ويُصرحون بالزيارات، وأيضا فإن أبواب الزنازين سوف لا تُغلق علينا طول النهار والليل كما هو حاصل، (باستثناء نصف ساعة للفسحة يوميا)، وهنا سوف يختلف مناخ السجن عما هو الآن».

واحتج الأستاذ «مصطفى الشوربجى» (المحامى الشهير) قائلا لـ«فؤاد سراج الدين»: «لا يا باشا، لا مساومة على حق الحرية».

وكان رد «فؤاد سراج الدين»: عال.. لا تساوم، ولكن قل ماذا تستطيع أن تفعل؟!!».

وكان استمرار الجدل عقيما، لأن المتنفذين ــ خارج السجن ــ كانت لهم الكلمة العليا فى شأن القابعين وراء أسواره!!

السياسيون المفرج عنهم في لقاء مع الرئيس الجديد .. وسط الصورة مبارك وإلي اليسار فؤاد محيي الدين

والدكتورة نوال السعداوي والدكتور حلمي مراد وفتحي رضاون ومحمد حسنين هيكل وفؤاد سراج الدين

●●●

وحين انقضت الأربعون بدأ الإفراج عنا، وارتأى «مبارك» أن يكون إطلاق سراحنا بعد لقاء معه فى قصر «العروبة»، وفى الطريق إلى هذا اللقاء عرضت على أصدقاء المجموعة الأولى من المُفرج عنهم أن يتولى أحدنا الحديث نيابة عنا، حتى نحافظ خلال اللقاء على إطار الاحترام اللازم للمناسبة ولأنفسنا، واقترحت أن يكون المتحدث باسمنا «فؤاد سراج الدين» (باشا) لأنه أكبرنا سنا، وأقدمنا عهدا بممارسة السياسة، ووافق الجميع.

وكان عددنا (أى الدفعة الأولى من السياسيين المُفرج عنهم) ــ حوالى الخمسة والعشرين، وحملتنا سيارة نقل كبيرة من سجن «طرة» إلى قصر «العروبة»، مارة على عنبر المستشفى المخصص للمعتقلين بالقصر العينى، حيث كان بعض من تقرر الإفراج عنهم – تحت العلاج فيه!!

وصافحنا الرئيس الجديد واحدا واحدا، بينما وقف إلى جواره رئيس وزرائه الدكتور «فؤاد محيى الدين»، وعندما جلسنا حوله للحوار معه لاحظت أن الرئيس الجديد يبدى اهتماما بمعرفة رأيى، وقد وجَّه إلىّ الخطاب بوصفى «محمد بيه»، مضيفا: «تفضل» وأشرت إلى «فؤاد سراج الدين» الذى فوَّضناه بالحديث عنا، وكان ذلك السياسى المخضرم ممتازا فى عرضه وفى شرحه، وأظنه كان موفَّقا فيما تقتضيه المناسبة، ولكن «مبارك» التفت نحوى يسألنى إذا كنت أريد أن أضيف شيئا، وشكرته معتبرا أن «فؤاد» (باشا) قال كل ما يريد أينا قوله، (مع أن ذلك لم يمنع رغبة الكلام لدى آخرين ــ وبالفعل تكلم بعضهم وحدث شىء مما تمنيت تجنبه، ومما يفعله الساسة أحيانا عند لقاء الحُكَّام، خصوصا إذا خطر لهم أن يقدموا أنفسهم تعريفا ــ وربما تمهيدا)، ولزمت الصمت مؤثرا الاستماع!!

ومضت أيام ــ خمسة أيام بالعدد ــ ثم تلقيت مكالمة من مكتب الرئيس يقول فيها سكرتيره الخاص وقتها (وأظنه السيد «جمال عبد العزيز»): «إن سيادة الرئيس يدعوك إلى الإفطار معه فى الساعة الثامنة صباح بعد غد، وقد اختار موعدا مبكرا لأن معلوماته أنك تستيقظ مبكرا، وهو فى ذلك «مثلك» يحب أن يبدأ النهار من أوله».

أضاف محدثى: «إن «سيادة» الرئيس أمر بإبلاغى أننى المدعو على الإفطار وحدى» (أى أنه ليس هناك آخرون).

وزاد محدثى بسؤال: «إذا كان يستطيع الاتصال بمكتبى ليحصل على رقم سيارتى حتى يسمح لها الأمن بالدخول إلى حرم البيت».

السادات ومبارك ومصطفي خليل ومنصور حسن

●●●

عندما تلقيت دعوة الإفطار مع الرئيس الجديد، كان فى زيارتى (بمصادفة موفَّقة) صديقان قديمان، وهما الدكتور «أسامة الباز» والأستاذ «منصور حسن»، وكلاهما يعرف «مبارك» معرفة دقيقة، فـ: «أسامة الباز» أقرب المستشارين إليه ــ و«منصور حسن» زامله وزير دولة لشئون الرئاسة فى السنة الأخيرة لحكم «السادات»، وكان «مبارك» نائبا للرئيس، وبين الاثنين (نائب الرئيس ووزير الدولة لشئون الرئاسة) علاقات ملتبسة كثرت حولها الأقوال والروايات.

وقلت للاثنين:

«يظهر أننى سوف أقابل الرئيس الجديد بعد غد، وهذا رجل لم أره إلا فى مصادفات على عكس كليكما، فكل منكما عمل معه عن قرب، وتعرف على جوانب شخصيته». وأضفت: «إننى لا أريد علاقة وثيقة مع رئيس دولة آخر فى مصر، فقد أخذت نصيبى من هذه العلاقات مع «جمال عبد الناصر» من أول يوم إلى آخر يوم من دوره السياسى، ونفس الشىء طوال السنوات الأربع الأولى من رئاسة «أنور السادات» حتى اختلفنا فى إدارته السياسية لحرب أكتوبر، وأنا لم أعد أريد لا صداقات ولا عداوات مع رئيس دولة جديد فى مصر، وما أريده هو أن أحتفظ بحقى فى إبداء رأيى، ومن موقع الصحفى والكاتب ــ وليس أقل أو أكثر!!».

والمعنى أننى لا أريد علاقة خاصة، ولا أسعى إلى صدام، وإنما أريد ومن بعيد علاقات عادية، وهذه فرصة أن أسألكما: «كيف أتعامل مع «صاحبكما» فى هذه الحدود، خصوصا أننى كما قلت أعرف دواعى التزامه بسياسات لا أعتقد فى صحتها، ومن ناحية ثانية فإننى أراه أمامى شخصية أعقد بكثير من انطباع عام لدى الناس أشاع عنه نكتة «البقرة التى تضحك»، بينما هو فى ظنى شخصية أكثر تعقيدا».

ورد «أسامة الباز» على الفور: «بأننى على صواب فى طرح حكاية «البقرة التى تضحك» جانبا، لأنها بالفعل تبسيط لشخصية مركبة».

(لم أقل لهما أننى لمحت مبكرا بعض الجوانب المخفية فى سجل الرئيس الجديد (أى واقعة «الخرطوم»).

واستطرد «أسامة» قائلا: «إنه يعرفنى جيدا، وقد كان فى هيئة مكتبى عندما كنت وزيرا للإعلام ووزيرا للخارجية، ثم اختار أن ينتقل معى إلى «الأهرام» بعد انتهاء مهمة وزارية (محددة المدة والهدف)، ثم ظل معى فى «الأهرام» حتى تركته بعد الخلاف مع الرئيس «السادات»، فعاد إلى الخارجية مستشارا فى مكتب وزيرها «إسماعيل فهمى».

واستطرد «أسامة الباز»:

«إننى عملت معك وعملت مع الرئيس «مبارك» أيضا منذ كلفنى الوزير «إسماعيل فهمى» لأكون مستشارا منتدبا من وزارة الخارجية معه كنائب للرئيس، خصوصا أن «السادات» راح يكلفه بمهام فى الإقليم وفى اتصالاتنا الخارجية، هكذا فإن لى معه الآن أكثر من اثنى عشر عاما».

وأضاف «أسامة الباز»:

ــ وإذن فأنا أعرفك (يقصدنى) ــ وأعرفه (يقصد الرئيس الجديد).

ومضى «أسامة»:

ــ أكرر أنه من الصواب أنك استبعدت تماما حكاية «البقرة الضاحكة»!!

ــ وإذا طلبت رأيى بعد ذلك فلدى ــ أولا ــ ملاحظتان فى المنهج:

أولاهما: «لا تتطرق فى الحديث معه إلى أى قضية فكرية أو نظرية، فهو ببساطة يجد صعوبة فى متابعة ذلك، لأنه أقرب إلى ما هو عملى منه إلى ما هو فكرى أو نظرى، وإذا جرت معه محاولة للتبسيط بالشرح، فإنه سوف يشرد من محدثه، ويتوقف عن المتابعة!!».

والثانية: «أننى أعرف أسلوبك فى الحديث، تستطرد فيه أحيانا، ثم تذهب إلى خاطر يلوح أمامك، ثم تعود إلى سياقك الأصلى بعده. لكن «مبارك» لن يتابعك فى ذلك، كلِّمه فى موضوع واحد فى المرة الواحدة، ولا تدع الموضوعات تتشعب، وإلا فسوف تجد نفسك تتكلم بعيدا، وهو «ليس معك»!

وأضاف «أسامة»:

«تذكر أنه سمع كثيرا ــ أكثر مما تتصور ــ عنك من الرئيس «السادات»، وكثيرا ما سألنى: «كيف كانت صداقتك مع الرئيس «السادات» بهذا القُرب، ثم كان خلافكما إلى هذا الحد؟!! ــ وذلك موضوع أثار فضوله، خصوصا أنه كان يعرف عمق صداقتك مع الرئيس «عبد الناصر»، وكانت درجة هذه الصداقة تبهره، وقد حكى لى أنه تابعك أثناء عملية تحريك حائط الصواريخ إلى الجبهة، عندما كنت وزيرا، وأنه أحس من كل ما تابعه، أنك تتصرف دون أن تنظر وراءك، وهذا يعنى أنك تقف على أرضية «جامدة جدا» (وتذكرت أن هذه هى المرة الثانية التى أسمع فيها نفس الوصف، مرة من «مبارك» مباشرة فى الطريق إلى مكتب «أحمد إسماعيل» (أثناء حرب أكتوبر 1973)، ومرة جديدة الآن نقلا عنه فى ظروف لم أكن أعرف بها!!)».

ثم وصل «أسامة» ثانيا إلى ملاحظتين فى الأسلوب إضافيتين: «هو رجل يعرف «قوة السلطة» حيث تكون، وهذا مفتاح ثالث لشخصيته، ومفتاح آخر قدرته على الاحتفاظ لنفسه بنواياه.. ولذلك أرجوك ألا تحاول استكشاف فكره، لأنك سوف تستثير حذره، والحذر غريزة عنده مرتبطة بفهمه لقوة السلطة!!».

والتفَتُّ ناحية «منصور حسن» وكان يتابع الحديث باهتمام وبابتسامة زاد اتساعها عندما جاء الدور عليه أسأله ــ كان رد «منصور حسن»:

«إنه لن يقول لى شيئا، وإنما يؤثر أن يتركنى أكتشف بنفسى».

وأضاف «منصور حسن» :«كل ما سوف تسمعه لن يهيئك لما سوف تراه، والأفضل أن ترى بنفسك، وبعدها فأنا الذى سوف يسمع منك!».


(الحلقة الرابعة)
(مبارك) يريد أن يعرف أكثر عن علاقة (عبد الناصر والسادات)
مبارك وزمانه من المنصة إلي الميدان (الحلقة الرابعة) .. لقاء الست ساعات!

محمد حسنين هيكل

كان اللقاء مع «مبارك» وديا، ولا أستطيع أن أقول حميما، ولم تكن الحميمية متصورة بعد متابعتى له من بعيد، منذ ظهر أمامى فى «الخرطوم» ــ ثم نائبا للرئيس فى ظروف تشابكت فيها العلاقات بينى وبين الرئيس «السادات» ما بين سنة 1974 وسنة 1975، ثم انقطعت فى نفس الظروف التى أصبح هو فيها نائبا للرئيس، ومسئولا عن الأمن والتأمين، ثم رئيسا للدولة فى ظروف عاصفة!!



وصباح يوم موعدنا ــ السبت 5 من ديسمبر ــ وصلت إلى بيته فى الموعد المحدد ــ وعبرت باب البيت من ردهة إلى صالون فى صحبة ضابط برتبة عميد، ولم أنتظر أكثر من دقيقة فى الصالون، حتى دخل «مبارك» مادا يده ومرحّبا بابتسامة طيبة وملامح تعكس حيوية شباب وطاقة!!



وقال على الفور وهو ما زال واقفا: «لابد أنك جائع فأنا أعرف أنك تستيقظ مبكرا».



وقلت: «بصراحة ــ سيادة الرئيس ــ إننى أفطرت فعلا، ولكنى سوف أجلس معك وأنت تتناول إفطارك»، وضحك قائلا: الحقيقة أننى أيضا أكلت شيئا خفيفا، وقلت له: «إذن فلا داعى لإضاعة وقت على مائدة الإفطار، فلدىَّ الكثير أريد أن أسمعه منك»، وأبدى موافقته بعد تكرار سؤاله عما إذا كنت لا أريد أن آكل أى شىء مما جهزوه لنا، وكررت الشكر، وقال: إذن نطلب فنجانين من القهوة ونجلس.



قدم لى الرئيس «حسنى مبارك» دون أن يقصد من ناحية، ودون أن أقصد أيضا ــ مفتاحا لم أتوقعه من مفاتيح شخصيته، ولسوء الحظ فإن ما قدَّمه لى فات علىَّ فى وقته، مع أنه استوقفنى فعلَّقت عليه!!

●●●

قلت للرئيس «مبارك» فور أن جلسنا: «إننى فكرت بالأمس أن أطلب مكتبه، راجيا تغيير موعدنا، لأنى قرأت فى الصحف عن مشاورات يجريها لتعديل وزارى أعلن عنه، وقد خطر لى أن موعدى معه اليوم قد يُحدث التباسا وخلطا لا ضرورة له، بين لقاءاته فى إطار التعديل الوزارى، وبين لقاءاته العادية الأخرى وضمنها موعدى معه، وأول الضحايا فى هذا الخلط والالتباس ــ سوف يكون فريق الصحفيين الذين يغطون أخبار رئاسة الجمهورية».

ورد «مبارك» وهو يبتسم بومضة شقاوة فى عينيه:

- وماذا يضايقك فى ذلك.. «اتركهم يغلطوا!».

ولم يتضح لى قصده، وسألته، وجاء رده بما لم أفهمه فى البداية حين قال (يقصد الصحفيين): دول عالم «لَبَطْ»، وأبديت أننى لم أفهم المعنى، واستنكر بُطء فهمى فقال: «لا تعرف معنى «لَبَطْ» ــ هل أنت «خواجة»؟!، وأكدت له أننى أبعد ما أكون، وراح يشرح معنى «لَبَطْ»، ثم واصل شرحه: «اتركهم يغلطوا» حتى يتأكد الناس أنهم لا يعرفون شيئا».

ومرة ثانية لم يتضح لى قصده، ومرة ثانية سألته، ورد، وعلى شفتيه ما بدا لى «ابتسامة من نوع ما»: «إن الصحفيين يدَّعون أنهم يعرفون كل شىء، وأنهم «فالحين قوى»، والأفضل أن ينكشفوا أمام الناس على حقيقتهم، وأنهم «هجاصين» لا يعرفون شيئا».

قلت:

ــ ولكن سيادة الرئيس هذه صحافتك، أقصد «صحافة البلد»، ومن المفيد أن تحتفظ لها بمصداقيتها، ولا بأس هنا من جهد لإبقاء الصحفيين على صلة بالأخبار ومصادرها.

ورد بقوله: «الدكتور «فؤاد» (يقصد رئيس وزارته وقتها «فؤاد محيى الدين») يقابل الصحفيين باستمرار، ويطلعهم على الحقائق، لكن بلا فائدة، هم «يخبطوا على مزاجهم» ولا يسألون أحدا!».

وقلت: «إنه ليس هناك صحفى يحترم نفسه تصل إليه أخبار حقيقية ويتردد فى نشرها».

وظل على رأيه: «المسألة أنهم لا ينشرون، إما أن لهم مصالح خاصة، وإما أنهم لا يفهمون».

وأحس أننى لم أقتنع، وتفضَّل بما ظن أنه مجاملة ــ قائلا:

ــ «محمد بيه» أنت تقيس الصحفيين الحاليين بتجربة زمن مضى، ليس هناك صحفى الآن له علاقة خاصة بالرئيس (وكانت الإشارة واضحة)، وقلت إن «جمال عبدالناصر» كان متصلا بكثيرين من الصحفيين، ثم إن هذا لا يمنع قيام صداقة مع أحدهم بالذات، ولكن المهم أن يكون أصبع رئيس الدولة على نبض الرأى العام طول الوقت».

وانتقل والدهشة عندى تزيد قائلا:

«على فكرة نحن كنا نتصور أنك تجلس على حِجْر الرئيس الرئيس «جمال»، لكنه ظهر أن الرئيس «جمال» كان هو الذى يجلس على حِجْرك، واستطرد: لم أكن أعرف أن العلاقة بينكما إلى هذا الحد حتى شرحها لى (أشار إلى اسم الأستاذ «أنيس منصور)»!!

واستهولت ما سمعت، وبان ذلك على ملامحى، وربما فى نبرة صوتى حين قلت له:

«سيادة الرئيس أرجوك لا تكرر مثل هذا الكلام أمام أحد، ولا حتى أمام نفسك، أولا لأنه ليس صحيحا، وثانيا لأنه يسىء إلى رجل كان وسوف يظل فى اعتقادى واعتقاد كثيرين فى مصر وفى الإقليم وفى العالم قائدا ورمزا لمرحلة «مهمة» فى التاريخ العربى».

أضفت:

«فيما يتعلق بى فقد كان يمكن أن يرضى أوهامى أننى كنت «كل شىء» وقت «جمال عبد الناصر»، ولكن ذلك غير صحيح، لأن «جمال عبد الناصر» كان هو «جمال عبد الناصر»، وقد أسعدنى ــ ولا يزال ــ أننى كنت صديقا له وقريبا منه ومتابعا لدوره وهو يصنع للأمة كلها تاريخا يمثل على الأقل لحظة عز وقوة لها فى عالمها وعصرها، وأنا أقول ذلك بعيون مفتوحة، مدركا أن تجربة «عبد الناصر» كانت إنسانية قابلة للخطأ أحيانا كما للصواب، كما أنها ليست أسطورية معصومة بالقداسة، لأن ذلك غير إنسانى، وهذه هى الحقيقة»!.

وقاطعنى:

ــ «أنا أعرف كم كان الرئيس «جمال» شخصية عظيمة، وما قلته لك كان كلام (أعاد الإشارة إلى اسم «أنيس منصور»!)، وهو لم يقله لى فقط، وإنما نشره أيضا، أما أنا فلم أقل من عندى إلا ما قلته أنت فى وصف علاقتك به، من أنك كنت صديقا له وقريبا منه هذا ما قصدته، وقصدت أنك كنت تعرف كل شىء، بينما الصحفيون الآن لا يعرفون».

وقلت:

ــ «إن علاقته هو (أى «مبارك») بالصحفيين فى عهده اختياره، وله أن يوصفها كما يرى، لكنى أتمنى لو استطاع أن يسهِّل على الصحافة أن تعرف أكثر، لأن تلك مصلحة الجميع، وأولهم هو شخصيا».

وظل على رأيه لم يغيره، وأكثر من ذلك فإن رده علىَّ كان بقوله: «أنه إذا عرف الصحفيون أكثر، فسوف يتلاعبون به».

وقلت فى شبه احتجاج:

ــ «سيادة الرئيس أنت تسىء الظن بإعلامك، وأنا أعرف بعضا من شيوخ المهنة وشبابها، وأثق أنهم لن يتلاعبوا فى أخبار، فضلا عن أسرار».

وشرحت لمحات عن مهنة الصحافة فى مصر وتاريخها ورجالها، ومع أنى أسهبت إلى حد ما فى الحديث عن تاريخ الصحافة المصرية، فقد أحسست أنه يتابع، وكانت له عدة أسئلة واستفسارات عن الأشخاص وعن الوقائع.

ثم آثرت أن أنتقل من هذا الموضوع إلى غيره مما يعنينى فى أول لقاء مع رئيس الدولة الجديد فى مصر، وفى ظروف عاصفة يندر أن يكون لها مثيل ــ هبت على مصر نارا ودما!!

●●●

وكذلك عُدت بالحديث إلى مدخله الطبيعى، فقلت للرئيس: إننى متشوق إلى سماعه.

ورد قائلا: ولكن أنا أريد أن أسمعك هذه المرة وأن أسألك، وفى المرة القادمة أنت تسألنى ــ أضاف بتواضع أنه يعتبر نفسه هذه الفترة فى «مهمة استكشاف»، يتعرف فيها على «الجو» الذى يتعين عليه العمل فيه!»، وأضاف: «أنا طلبت منك أن تتكلم يوم جئت إلى قصر «العروبة» بعد الإفراج عنكم، ولكنك لم تتكلم». وقلت: «إننى اعتذرت لأن اتفاقنا قبل المجىء إلى عنده كان أن يتكلم واحد منا بالنيابة عنا جميعا، وقد اخترنا «فؤاد سراج الدين» لأنه أكبرنا سنا، وأسبقنا جميعا إلى ممارسة العمل السياسى».

قاطعنى بسؤال: هل عرفت «سراج الدين» وأنتم فى «طرة»؟!! ــ وقلت: إننى أعرفه من قبل ثورة 1952، وحين كان سكرتيرا عاما لحزب الوفد ووزيرا للداخلية، وقتها (فى أواخر العشرينيات من عمرى) ــ كنت رئيسا لتحرير «آخر ساعة»، ومديرا لتحرير «أخبار اليوم»، وعلى علاقة بمعظم الساسة فى مصر، وكان «فؤاد سراج الدين» من أبرزهم، ولم تتغير علاقتى به أو بهم، بل توثقت مع مرور الأيام، وحتى بعد ثورة يوليو.

وقاطعنى «مبارك» بسؤال:

هل كان الرئيس «عبد الناصر» يعرف ذلك ويقبل به؟!! ــ قلت له: «جمال عبد الناصر» كان يحب «مصطفى النحاس» مثلا (رئيس الوفد) ويحترمه، وكان يرى مزايا كثيرة لـ«فؤاد سراج الدين»، ويعتبره سياسيا ذكيا مجربا، حتى وإن اختلف معه».

وتوقف «مبارك» للحظة مترددا ثم سأل:

ــ ولكن ألم يحدث أن الرئيس «جمال» اعتقل «النحاس» (باشا)؟!!

وقلت:

ــ بالمعنى الحقيقى لم يعتقله، وإنما أصدر قرارا بتحديد إقامته فى بيته، وكان ذلك سنة 1955، وفى الظروف الخطرة على الطريق إلى حرب السويس، وكانت المعلومات وقتها أن الإنجليز يبحثون عن حكومة بديلة لنظام 23 يوليو، وخشى «جمال عبد الناصر» أن يقوم أحد بتوريط «النحاس» (باشا) فى حديث عن حكومة بديلة، خصوصا وأن المعلومات وقتها كانت أن المخابرات البريطانية M.I.6 تقترح إما «النحاس» (باشا)، وإما اللواء «محمد نجيب» لرئاسة حكومة يستطيعون الاتفاق معها، وأظنه أراد حماية «النحاس» (باشا) أكثر مما أراد الإساءة إليه، وأنا أعرف أن الأسلوب غريب فلا أحد يستطيع حماية رجل يحرص عليه بتحديد إقامته فى بيته، لكن «جمال عبد الناصر» وفى الكلام معى أشار إلى هؤلاء الذين ورطوا «النحاس» (باشا) فى حادثة 4 فبراير 1942)، وأتذكر أننى وقتها استأذنته أن أذهب قبل تطبيق القرار بتحديد إقامة «النحاس» (باشا) وأشرح له دواعيه، وأن «عبد الناصر» وافق، وذهبت إلى مقابلة «النحاس» (باشا) بالفعل.

وكنت وما زلت حتى الآن على خلاف مع الأسلوب، رغم تفهمى لدوافعه».

●●●

ــ وقاطعنى «مبارك»:

تريد أن تقول إن الرئيس «عبد الناصر» كان يحب «النحاس»؟!!

واستطرد:

«لا مؤاخذة ــ الرئيس «أنور» قال لى إن «عبد الناصر» لم يكن يحب أحدا».

ــ وابتسمت وقلت: هذا رأى الرئيس «السادات» – بأثر رجعى كما يبدو لى، لأنه هو من وصفه فى كتاب بأكمله بـ «القلب الكبير الذى يتسع لحب كل الناس وللإنسانية كافة».

وقاطعنى:

ــ «محمد» بيه ــ أنا أحببت الرئيس «جمال» ــ لا تنسى أننى أسميت أحد أبنائى على اسمه».

وقلت:

ــ وكذلك فعل الرئيس «السادات».

وسألنى: هل أسميت أحدا من أبنائك باسم الرئيس «جمال»؟!!

ــ وأجبت بالنفى، بل اخترت لأبنائى أسماء عربية ــ تقليدية ــ وسهلة: «على» ــ و«أحمد» ــ و«حسن».

ــ وسألنى الرئيس «مبارك»:

«حيرتنى علاقة الرئيسين «أنور» و«جمال» ــ لماذا اختلفا معا ــ أنت كنت شاهدا على العلاقات بينهما، وكنت قريبا من الاثنين، حتى وقعت الواقعة بينك وبين الرئيس «أنور».

ــ وقلت:

«فى علاقتى بالاثنين لم أعرف عن خلاف بينهما، ولم يكن هناك لا موضوع للخلاف ولا مجال لوقوعه، فـ«أنور السادات» كان دائما وراء «جمال عبد الناصر»، مناصرا، متحمسا، وبعد رحيله 1970، وحتى بعد حرب أكتوبر 1973، وحين اختلفت معه وابتعدت فإن علاقته بـ«عبد الناصر» كانت كما عهدتها، ثم بدأت ــ بعد سنة 1974 ــ أسمع ــ من بعيد ــ بالتلميح أولا وبالتصريح ثانيا عن خلاف كان، وعن مواقف وقع فيها هذا الخلاف «المزعوم» واستفحل، وفى البداية بدا لى ذلك غير مفهوم، أو حتى غير منطقى!!».

●●●

وتداعى هنا حديث حول العلاقات بين الرئيسين السابقين.

وانتقل الرئيس «مبارك» من هنا إلى خلافى شخصيا مع الرئيس «أنور»، وقال: كثيرا ما أستغربت، فأنا أعرف أنك وقفت معه «جامد» فى أول ولايته، ثم وقفت معه «أجمد» فى معركة مراكز القوى ــ مايو ــ وكنا جميعا نعرف أنك موضع ثقته، وقد رأيت ذلك بنفسى فى القيادة أثناء الحرب ــ وأضاف: «أنه عرف أننى كاتب التوجه الإستراتيچى الذى صدر للمشير «أحمد إسماعيل» بتحديد أهداف حرب أكتوبر، وهذا فى رأيه «قمة الثقة»، ولهذا فاجأه خلافى مع الرئيس حول فك الارتباط، لكنه لم يقرأ ما كتبت عنه ــ هو يعرف أن الخلاف وقع، لكنه لا يعرف لماذا؟! ثم استدرك ضاحكا:

ــ «لا تزعل يا «محمد» بيه، إذا قلت لك إننى لم أكن أقرأ مقالاتك رغم «أننى أسمع أن كثيرين يقرأونها»، ولا أخفى عليك أننى كنت أمنع ضباط (الطيران) من قراءتها».

ــ وقلت بعفوية: «ياه... لعل السبب خير».

ــ قال: «ما كان يحدث أن مقالك «بصراحة» يُنشر فى «الأهرام» يوم الجمعة، ثم يجىء الضباط يوم السبت وقد قرأوه، وكلهم متحفزون لمناقشته، وكثيرا ما كانوا «يتخانقون»، وأنا لا أريد فى السلاح «خناقات» ولا سياسة!!».

ــ أضاف: «أما عنى أنا، فقد كنت لا أقرأ مقالاتك لأنى عندما حاولت ــ لم أفهم ماذا تريد أن تقول فى نهاية المقال».

ــ بصراحة (على رأيك ــ أضافها وهو مازال يبتسم ــ «مقالك دائما ينتهى دون أن «نرسى على بر» ــ ولا نعرف بعده نتيجة Conclusion، قالها بالإنجليزية).

ــ وقلت: «سيادة الرئيس ــ هناك مدرسة فى الكتابة لا ترى أن الـConclusion واجب الكاتب، وإنما واجبه: معلومات صحيحة، واجتهادات فى التحليل واسعة، واختيارات فى المسالك المتاحة للحل مفتوحة، ثم يكون للقارئ أن يختار ما يقنعه، بمعنى أننى لا أريد أن يكون ما أكتبه «مقفولا» على نتائج Conclusion «تعلِّبه»، وإنما أفضل أن أترك للقارئ حريته ــ بمعنى أن تبدأ علاقته بالمقال بعد أن ينتهى من قراءته، وليس حين يهم بقراءته، لأن هدفى تحريضه على التفكير وهو يقرأ، ورجائى أن يصل بتفكيره إلى حيث يقتنع. وقال: «يا عم» ما الفائدة إذن أن يقرأ الناس «لكاتب كبير»؟! ــ لابد أن «يرسيهم على بر». وقلت: أنا أريد للقارئ أن يرسو على «بره هو»، وليس على «برى أنا»، وعلق بابتسامة مرة أخرى قائلا: «يعنى عاوز تدوخ الناس يا أخى، قل لهم وريحهم»..

واختصرت قائلا: «على أية حال فهناك مدارس متعددة فى الكتابة!!».

ــ وعاد «مبارك» إلى سؤاله عن العلاقات بين الرئيس «السادات» وبينى ــ فقال:

«الغريب جدا أننى أحسست أن علاقته بك كانت Love - Hate Complex، قالها أيضا بالإنجليزية (عقدة محبة وكراهية فى نفس الوقت).

هو بالحق كان يتحدث كثيرا عنك بالتقدير، لكنه يأخذ عليك أنك تريد أن تفرض عليه رأيك».

قلت مستغربا:

«سيادة الرئيس ــ كيف يمكن لصحفى أن يفرض رأيه على رئيس الدولة؟!!».

رئيس الدولة عنده السلطة كلها ــ وأدواتها تحت يده ــ فكيف أستطيع أنا أو غيرى ــ من الكُتَّاب والصحفيين ــ أن نفرض شيئا عليه؟! ــ ربما يفرض عليه قائد جيش لديه سلاح، أو رئيس حزب لديه تنظيم، أو وزير داخلية عنده بوليس، أما الصحفى فلا يملك غير عرض وجهة نظره ولا أكثر، وهو يضعها أمام الرأى العام إما أن يأخذ بها أحد أو يعرض عنها، فتلك مسألة أخرى خارج قدرة أى صحفى!!

ثم قلت: العكس هو الصحيح فيما أظن، فرئيس الدولة هو فى العادة من يريد فرض رأيه على الصحفى، وهنا المشكلة!!

أضفت بوضوح يجعل موقفى واضحا أمامه:

«وفيما يتعلق بموقفى مع الرئيس «السادات»، فإننى لم أقتنع بما اتخذ من سياسات أثناء أكتوبر وبعدها عندما جاء «هنرى كيسنجر» وأقنع «السادات» وتصرف الرئيس على أساس أن الولايات المتحدة تملك 99% من أوراق حل أزمة الشرق الأوسط، وأن «هنرى كيسنجر» هو من يمسك بالقرار السياسى الأمريكى ــ وكان لى رأى مختلف، وقد تمسكت به وفى ذهنى أن الرئيس الأمريكى بنفسه أو بوزير خارجيته غير قادر على الفعل لأسباب كثيرة، حتى لو أراد، وفى الأوضاع الحالية فإن الإدارة الأمريكية فى شلل بسبب ورطة الرئيس فى فضيحة «ووترچيت».

واستطردت:

«ومن جانبى فلم أستطع غير التحفظ على هذه السياسة الجديدة، وقد عبَّرت عن أفكارى فى أكثر من عشر مقالات ضايقت الرئيس «السادات»، واعتبر أننى بكتابتها أعرقل توجهاته، ومن هنا كان ضيقه.

وفى هذا الموضع من الحديث قلت للرئيس إن ذلك الخلاف قصة طويلة، ولا أريد أن أضيع وقته فيها، لكنه طلب أن يسمع، واستدعى أحد سكرتيريه وأمره بتأجيل موعد كان لديه فى الساعة العاشرة والنصف.



المصدر: الشروق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق