الأربعاء، 25 يناير 2012

البرادعى رئيسا للوزارة القادمـــــة

انسحب بعد لقائه بكارتر: البرادعى رئيسا للوزارة القادمـــــة

كتب طارق رضوان
عاتبنى صديق مشترك ما بينى وبين الدكتور محمد البرادعى لأننى هاجمته عبر صفحات صباح الخير منذ عدة أعداد وقد أوصل لى أن الدكتور لم يكن يتوقع منى أن أهاجمه فى مثل هذا التوقيت بالذات لأسباب سياسية يعلمها الدكتور وحده. وإن كنت أعلمها أنا الآخر بحكم قربى من الدكتور المسافر دائما والبعيد عادة عن مصر فى أحلك الأمور.

ومن القريبين منه وأن كان الرجل يعتبره البعض أيقونة الثورة المصرية المجيدة وعندى بعض التحفظات على ذلك لأسباب أعرفها جيدا وليس من الشهامة أن أذكرها الآن.

وأخيرا أعلن الدكتور انسحابه من انتخابات الرياسة ببيان قد قرأناه جميعا فما سر ذلك.

فى جلسة ودية جمعتنى والدكتور ممدوح حمزة وبعض الأصدقاء على مقهى بالزمالك كان الدكتور حمزة ثائرا لدرجة عالية لم اعتد أن أراه فيها منذ أن عرفت الدكتور منذ أن عاد الدكتور من لندن بعد الإفراج عنه فى القضية الشهيرة التى لفقت إليه.

وقد هاجم الدكتور فى الجلسة أحد الأصدقاء لأنه من مريدى الدكتور البرادعى. وجن جنون حمزة فى الجلسة وقال أنا مش عاوز أتكلم. هذا الرجل لابد أن يعرف الجميع سيرة حياته كاملة.

مش هو وحده بل كل عائلته منذ بدايتها ده هيحكم مصر يا جماعة. هذا الرجل تلقى تدريبا وتربى خلال 25 سنة فى مقر المخابرات المركزية الأمريكية. وهو كلام معروف فى الخارج ونحن نعرفه منذ قدومه إلى مصر. وأنا قفلت بقى فى بداية وصوله مصر - أشار الدكتور بأصبعه على غلق فمه - لأننا كان لدينا هدف واحد وهو القضاء على هذا النظام الفاسد الغاشم الديكتاتورى. ووقتها قلت لا داعى لشق الصفوف لأننا فى مركب واحد وهدفنا واحد.

لكن بعد أن انتهينا من إزاحة النظام لازم كل واحد يعرف حجمه وتاريخه ومقدار وطنيته. وإن كنت لا أريد أن أتكلم فى سيرة الرجل، لكن طالما الرجل يريد أن يحكم مصر لابد أن يعرف الجميع تاريخ كل من تسول له نفسه لحكم مصر. حكم مصر ليس بالسهل لابد أن يعرف الجميع من هو الدكتور البرادعى بتاعكم ده.

انتهى انفعال الدكتور حمزة بأن قال أنا واكل بسبوسة بالقشطة وشادد حيلى عليكم شوية.

هذا ما قاله الدكتور حمزة نصا وليس هناك من يشكك فى دور الدكتور حمزة فى الثورة وكل من فى الميدان81 يوما يعرفون الدور الذى لعبه الدكتور جيدا.

ولن أتدخل فيما قاله الدكتور ممدوح حمزة. فالرجل يمتلك من الحجج ما قد يثبت كلامه فى حق الدكتور البرادعى وقد تكون صحيحة وقد تكون شائعة. لن أستطيع الإفتاء فى ذلك. لكن لابد أن يعرف الجميع ممن هم من مؤيدى الدكتور ممن لم يجلسوا معه أو يعرفوه أن الرجل ليس بهذه الصورة التى رسمت له لهدف أراه قد تحقق بالفعل فى القضاء على النظام الفاشل الفاسد.

والقضاء على مشروع توريث الابن الأبله حكم مصر. و الحقيقة التى لا يعرفها الكثيرون أن الدكتور كان عازماً على الانسحاب من انتخابات الرئاسة منذ ستة أشهر على وجه التحديد وقد أسر بذلك إلى المقربين منه وإنه قد يعلن هذا الانسحاب فى أقرب فرصة وستكون مفاجأة للجميع وتمهل الدكتور قليلا فى إعلان عزمه عن الابتعاد عن سباق الانتخابات لأمر يعلمه الدكتور نفسه ولا يعرفه إلا القليلون جدا. لكن لكى نرى الصورة واضحة أكثر لابد أن نتتبع الأحداث الأخيرة جيدا دون أن نغرق فى التفاصيل التى قد تنشئ حالة من الضباب عما هو صحيح أو نظنه صحيحاً.

فخلال الأشهر الثلاثة الماضية قام بزيارة مصر من الأمريكان كل من جون كيرى ومساعد وزير الخارجية الأمريكى لشئون الشرق الأوسط ومدير المخابرات المركزية الأمريكية (cia)والرئيس السابق جيمى كارتر ومن قبلهم وزير الدفاع الأمريكى ووزيرة الخارجية ورئيس الأركان. كل هؤلاء لم يزوروا مصر من أجل زيارة السكة وعد الفلنكات ما بين مصر وأمريكا.

كما أنهم لم يزوروا مصر من أجل أن يستمتعوا بالشمس المصرية المشرقة شتاءً. عندما يزور هؤلاء مصر فاعلم أن هناك طبخة ما يقومون بطبخها من أجل مصلحة الأمة الأمريكية وليس فى مصلحة مصر بالطبع أكثر ما يحزننى الآن أن مصر لا تدير شئونها بنفسها بل الأمريكان هم من يقومون بذلك مستغلين الانتهازية السياسية لدى الإخوان ولدى بعض القوى السياسية الأخرى وما قد قرره الأمريكان ممن زاروا مصر الاتفاق على أشياء لا جدال فيها أهمها عدم الاقتراب من معاهدة كامب ديفيد وعدم الاقتراب من اتفاقية الكويز، وكذلك عدم الاقتراب من خط الغاز الممتد إلى إسرائيل. وقد صرح قيادات الإخوان بذلك منذ عدة أيام بعد مقابلتهم الأخيرة لجيمى كارتر.

أما الأمر الآخر والمهم فهو موافقة الإخوان على أن تكون الحكومة القادمة ائتلافية يأخذ فيها حزب الوفد من عشر إلى خمس عشرة حقيبة وزارية. فالوفد من أهم الأحزاب الليبرالية التى يعرفها الغرب ويثق فيها. وقد وافق الإخوان وهو ما يفسر جلوس رئيس حزب الوفد السيد البدوى مع قيادات الإخوان منذ عدة أيام للاتفاق النهائى على تشكيل الحكومة الائتلافية. صحيح أن عشر وزارات قليلة نوعا ما وقد تكون وزارات ليست مؤثرة. لكن العدد هنا هو المؤثر. وإذا لعب الإخوان بذيلهم ونقضوا الاتفاقات التى اتفقوا عليها كعادتهم.

وقتها سيقدم العشرة وزراء استقالتهم وهنا تسقط الوزارة كلها. أم من سيكون رئيس الوزراء القادم لهذه الوزارة الائتلافية؟ فسيترك الإخوان الدكتور الجنزورى مدته المتفق عليها وهى الستة أشهر ثم بعدها سيتم البحث عن رئيس وزراء لا يختلف عليه أحد لا الإخوان ولا الأقباط ولا القوة الثورية ولا السلفيين ولا مجلس الشعب.

وهنا سيظهر الدكتور البرادعى فى رئاسة وزارة ائتلافية بجميع الصلاحيات التى يريدها والتى قال عنها إنه رفض الوزارة الماضية لأنها بلا صلاحيات.

ومن يتولى رئاسة الوزارة لا يحق له الترشح فى انتخابات الرئاسة وهو ما يغمز به الخبثاء تعليقا على انسحاب الدكتور البرادعى من سباق الترشح للرئاسة. لتخلو له رئاسة الوزراء.

وهناك رأى آخر وهو ما قد يصدقه الكارهون للثورة والشامتون فيها وممن يكرهون البرادعى - الدكتور له مختلفون معه سياسيا من رجال الثورة وله أعداء هم أعداء الثورة بشكل عام وهناك فرق كبير بين الاثنين - الرأى الآخر يقول إن الدكتور انتهى دوره إلى الأبد!

وقد قام بالدور الذى رسم له من الداخل والخارج. وهناك لاعبون آخرون سيكملون المسيرة من بعده. وقد تسلموا منه الراية. وبرروا ذلك بتوقيت زيارة كارتر إلى مصر وإعلان البرادعى الانسحاب.

أى إنه لم يلق ترحيبا أمريكيا للترشح على مقعد الرئاسة.

وأن كنت أظن شخصيا أن هذا الأمر مستبعد تماما - لكنه مطروح - لأن البرادعى دوره السياسى لم ينته بعد. ومازال دوره فى الحياة السياسية المصرية له امتداده لعدة سنوات تمتد لعمر الدكتور - أطال الله عمره - وما يراه القريبون من الدكتور فى انسحابه هو الرومانسية السياسية التى لا مجال لها الآن على أرض مصر. الدكتور ملهم الثورة كغاندى. غاندى يلهم ونهرو يحكم، الدكتور ضمير وليس مديرا.

وهو ما أرتاح البعض لهذه الصيغة. وقد سألت من عاتبنى فى هجومى عليه عن كيفية اتخاذ القرار؟ وهل استشار أحدا؟ فقال لى نصا. يا عم طارق أنت عارف الدكتور لا يأخذ رأى أحد فى اتخاذ قراراته.

وهو صاحب القرار الفردى. وهنا ابتسمت فى وجه الرجل دلالة على رأيى الخاص فى الدكتور. ففهم الرجل وقال بس ما تجيش منك أنت. لكن ترى ما هو المشهد السياسى الآن فى مصر. خصوصا فى القيادات التى ستتولى قيادة البلاد فى الأيام القادمة بعدما استولى الإخوان على حكم مصر؟ الأكيد أن رئيس الوزراء القادم لن يكون من الإخوان كما تم الاتفاق الأمريكى. وأقل الأسباب فى ذلك هو من سيجلس مع القيادات الإسرائيلية عندما تزور مصر سواء وزير الخارجية أو رئيس الوزراء الإسرائيلى؟ بالطبع لن يجلس مع إخوانى.

والإخوان لن يغامروا بالجلوس مع إسرائيلى. لذلك لن يكون رئيس الوزراء إخوانيا صرفا لكن سيوافق عليه الإخوان.

ورئيس مجلس الشعب القادم.

الأنباء تقول إنه إخوانى وقد يكون الكتاتنى أو العريان أو صبحى صالح. وإن كنت أشك أيضا أن رئيس البرلمان القادم سيكون إخوانيا.

بل سيكون (مموه) أى لا يختلف مع الإخوان لكنه لا يمثلهم. والأقرب لهذه الصيغة هو الدكتور وحيد عبدالمجيد أو الدكتور عمرو الشوبكى. فمنصب كبير وخطير كهذا له عدة تحركات خارجية دبلوماسية سيقابل فيها عناصر سياسية إسرائيلية وهو ما لا يقدر عليه الإخوان تحت أى ضغط. الله يمسيك بالخير يا أبوطارق أقصد فتحى سرور - أما من هو رئيس مصر القادم فقد تم الاتفاق بأن يكون جنرالا. لكن الأيام القادمة ستشهد ما لا نتوقعه على الإطلاق.


مصر دولة قدرية جدا.

قدرية أكثر مما يتخيله البعض!
المصدر: صباح الخير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق