الأربعاء، 25 يناير 2012

منصور حسن :الـتوافـق.. طـريقنـا إلـــى الـمـسـتـقـبـــل

منصور حسن :الـتوافـق.. طـريقنـا إلـــى الـمـسـتـقـبـــل

أدار النــــــدوة : منير عامر

أعـــد الندوة للنشر : محمد عاشور

تصـــويـــــــر : شريف الليثى

هو رجل من طراز سياسى نادر، حيث تلتقط عيونه كل إيجابية فيمن يحاوره كى يضيفها إلى إيجابية الآخرين.

ويظل التوافق الباحث عن صناعة الأمل هو مهمته الأساسية،ولذلك نظر إليه السادات على أنه أكثر السياسيين صفاء وصدقا. ففى الوقت الذى احترف كل من حول السادات الطاعة المشوبة بالنفاق، كان الصدق مع كامل الاحترام هو طريق منصور إلى قلب السادات.

وبعد ثلاثين عاما من الصمت عاد منصور حسن إلى الواجهة ليختاره أعضاء المجلس الاستشارى رئيسا لهم، فكل منهم رأى موهبة منصور فى التقاط الإيجابيات لينسج منها رؤية حساسة تفرش الضوء أمام المجلس العسكرى.

وعندما سألته صباح الخير: هل ترشح نفسك لمنصب الرئيس؟ أجاب : إن رشحنى المجتمع فسوف أقبل، أما أنا فلا أسعى لأى منصب مهما كان.

ولابد أن تشكر صباح الخير هذا السياسى النادر الذى وافق على أن يكون أول ضيف فى صالون صباح الخير.

كلماته: البداية هى إيمانى بأن ثورة 52 يناير هى معجزة، وأقول أيضا أنها بمثابة عودة لروح الشعب المصرى، لأن هذه هى الروح الحقيقية للشعب المصرى والتى كانت موجودة قبل ثورة يوليو 2591 أيضا، وإذا تحدثنا عما قبل 1952من الإنجازات الحقيقية والسلبيات أيضا ولذا أقول أنها عودة لروح الشعب المصرى، وأقول أيضا أن أهم ما تميزت به مصر قبل ثورة 1952الشعب الذى كان يتحرك ينظم المظاهرات وبعد ذلك جاءت الثورة بإنجازاتها العظيمة، وإن كنت أرى أنها أكدت على استقلال القرار الوطنى على المستوى الوطنى وعلى مستوى العالم العربى وأفريقيا كما أكدت على أهمية العدالة الاجتماعية وعملت على تحقيقها لكن السلبية الأساسية التى ظهرت بعد ثورة 1952 أنها لم تطبق الديمقراطية فى ميعادها السريع، لأننا قبل ثورة يوليو 1952 كان لدينا بوادر للديمقراطية، نعم لم تكن ديمقراطية كاملة لكن كان هناك مجلس نواب وأحزاب حقيقية وصحافة حرة بعض الشىء وكل هذه الأمور تم التخلص منها بعد الثورة ولكن ثورة 25 يناير المجيدة أعادت الروح للشعب صاحب الحضارة العظيمة والتاريخ المشرف، إذا فهذه ثورة عظيمة ومعجزة وليس ذلك من باب الفخر أو المبالغة لأن المعجزة علميا هى الشىء الذى لا يمكن التنبؤ به.

وهذه الثورة لم يكن أحد يتنبأ بها.. البعض كان يتوقع حدوث ثورة لكن لا أحد يعرف وقتها ولا من سيقوم بها، ولا حتى الأسلوب المتبع فيها، وذلك لأنه للأسف مرت علينا فترة لم نكن نستطيع فيها أن نتنفس بحرية، ولا نتحدث بما نريد أن نقوله إلا سرا، كما أننا قبل الثورة ولمدة سنوات طويلة كان هناك ضعف سياسى أدى إلى الخوف والجبن والتملق والنفاق، كما أدى إلى وجود سلبيات أخرى عديدة، نخرت جسد المجتمع المصرى، ولذا أقول إن هذا الشعب معذور فيما يصدر عنه من تصرفات يشوبها الخطأ، فنحن لابد أن نعترف أننا عشنا أكثر من نصف قرن فى تلوث سياسى، مما أثر على الشخصية المصرية، وجعلها اليوم مرتبكة ومتهورة، خاصة بعد فترة الانفتاح السداح مداح، لذا أؤكد أن ثورة الخامس والعشرين من يناير معجزة أكرمنا بها الله، وأقول أنه لا أحد يستطيع أن يسئ إلى هؤلاء الشباب الذى صنع هذه المعجزة وأخرجنا من القبور، والذين أثبتوا للجميع عندما نزلوا إلى ميدان التحرير والميادين الأخرى شجاعتهم فيما قدموه من مفاجآت ومواقف، ولم نكن نتخيل أيضا أن هناك شبابا يستطيع القيام بثورة، بل كنت أتصور أن الشعب المصرى بجميع أطيافه وفئاته من شيوخ وشباب قد ماتت فيهم الحساسية السياسية، لذا كنت أقول دوما فى عهد مبارك إن القهر السياسى جعلنا شعبنا معاقا سياسيا، لكن فجأة تحرك الشباب وقاموا بثورة سلمية وبدأوا بأعداد قليلة، ثم انضم إليهم بعد ذلك ما يزيد على عشرين مليون مصرى من المواطنين العاديين، لذا قلت كأنهم خرجوا من القبور فى فرحة لا تساويها فرحة، ولم نشعر بمثلها فى حياتنا، وظل الجميع يتساءل فى البداية كيف استطاع شباب أعزل من السلاح ويسير فى مظاهرة شعارها «سلمية سلمية» أن يقفوا أمام أقوى قوة أمنية فى الشرق الأوسط وهى «جهاز الأمن المصرى»، الذى حضرت تشكيله عندما قام النبوى إسماعيل بتأسيسه على أسس عسكرية، فكانت الداخلية بمثابة جيش آخر لديها دبابات ومدرعات وطائرات، إلا أن قوة الشباب وإيمانهم بصدق أفكارهم استطاعوا الوقوف أمام هذه الآلة العسكرية، وهم عزل حتى من الهراوات، لذا استمرت الفرحة لعدة أسابيع لضخامة الحدث الذى أنتصر فيه إصرار الشباب.

وقبل ذلك كان المجلس العسكرى قد تلقى على عاتقه مهام الحكم الذى ألقى عليه دون رغبة منه، بل لم يكن المجلس العسكرى مستعدا لذلك وأكد أعضاؤه أكثر من مرة أن ممارسة العمل السياسى ليس من اختصاصهم، لذا جاءوا بالمجلس الاستشارى ليكون حلقة الوصل بين المجتمع المدنى، وبين العسكريين، لذا أقول إذا كان المدنيون قد عانوا من التهميش السياسى قبل الثورة، فما بالنا بالعسكريين الذين اعتبروا مهمتهم هذه مهمة قومية ووطنية، وأكدوا أنها مهمة محددة تتمثل فى تنفيذ التعديلات الدستورية التى تحدث عنها مبارك فى خطابه الثانى قبل التنحى، وقال أعضاء المجلس العسكرى الذى تولى إدارة شئون البلاد السياسية أنهم مسئولون عن تنفيذ هذه التعديلات خلال فترة لن تتجاوز الستة أشهر.

وتساءل حسن: لماذا ستة أشهر تحديدا؟

وقال لأن هذه هى المدة التى كانت باقية لمبارك فى الحكم، كما أنهم تصوروا أنهم بمجرد أن يحلوا محل الرئيس السابق ستهدأ الأمور وهو ما يعطيهم الفرصة للتمكين من إنهاء التعديلات الدستورية، لذا أقدموا على عمل تعديلات دستورية للتسع مواد التى تم الاستفتاء عليها، وكان هذا الاستفتاء الذى وقع فى 19 مارس 2011 أول استفتاء فى تاريخ مصر شارك فيه الملايين من المصريين حتى وصل عددهم إلى ما يقرب من ثمانية عشر مليون مواطن، على عكس ما كان يحدث فى الانتخابات السابقة للثورة، حيث كان عدد الناخبين لا يتعدى ستة ملايين ناخب، وثلاثة أرباعهم يتم تزوير أصواتهم والربع الأخير والباقى هو الحقيقى والصحيح فقط، لكن بعد ذلك وجدنا شيئا آخر هو أن الاستفتاء له مؤيدون قالوا نعم للتعديلات، وفريق آخر معارض قال لا، وأنا شخصيا كنت من الذين قالوا لا، وهؤلاء لم يتعدوا الأربعة ملايين، ولكن اكتشفنا أن هناك أربعة عشر مليون ناخب قالوا نعم، ومن الجدير ذكره هنا أن الذين قالوا لا لم يكونوا معترضين على ما حدث فى التعديلات، لكننا كنا نرغب فى وضع دستور جديد بعد أن سقط النظام، وأعتقد أننا فى هذه المرحلة كنا مخطئين نتيجة لما حدث من تطورات أدخلتنا فى متاهات «الدستور أولا أم الانتخابات»، ونحن عندما أسقطنا دستور 1971 كان من المشاكل الأساسية فيه مادة انتخاب رئيس الجمهورية، التى تمت إضافتها زورا لخدمة أهداف شخص معين، لكن بعد أن تم تعديل هذه المواد أصبح دستور 1971 معقولا، ونستطيع أن نستمر به لمدة ثلاث أو أربع سنوات، لأننا فى حالة وجود رئيس للجمهورية ستكون الأمور أفضل، لكن جاء مستشارو المجلس العسكرى وقالوا لن نضع دستورا جديدا إلا بعد الانتخابات البرلمانية «الشعب والشورى» وبعد ذلك يتم انتخاب لجنة تأسيسية مكونة من مائة عضو، وأعتقد أن هذه العملية كانت هى مفترق الطرق، وكنا نسير وقتها على طريق صحيح، فلو استمر دستور 1971 لكان من الطبيعى أن نكون قد انتهينا الآن من كل هذه الأمور والتعقيدات السياسية التى نعيشها الآن، وكنا أيضا انتهينا من كل ذلك قبل تونس، ولكن أخذنا إلى طريق آخر أكثر وعورة وملىء بالمطبات!

∎ صباح الخير: هل هذه الأمور حدثت مصادفة أم كانت هناك سيناريوهات موضوعة لتنفيذها؟

- منصور حسن: بالتأكيد لعب الإخوان دورا فى هذا الأمر بدليل قولهم من سيقول نعم للتعديلات سيدخل الجنة، ومن سيقول لا سيدخل النار، والسبب فى ذلك ليس الجنة أو النار، كما يعتقد البعض، ولكنهم كان لديهم إحساس بأنهم أقوى قوة منظمة فى الوقت الحاضر، وبالتالى عندما تجرى الانتخابات فى مواعيد قريبة ستكون فرصتهم فى الفوز أكبر، لذا طالبوا بإجراء الانتخابات أولا، وحدث خلاف بعض الوقت حول الانتخابات أولا أم الدستور، وإن كنت أنا شخصيا من أنصار الدستور أولا، وهذا هو الأمر الطبيعى لأن الدستور ينظم البرلمان وشكل الرئاسة وغيرها من الأمور، وبعد ذلك نقدم على الانتخابات، ولكن نظرا لشدة تمسك الإخوان بالانتخابات أولا، بل تعصبهم الشديد تجاه هذا الأمر حتى وصل الحوار إلى مرحلة من الصدام لدرجة تهديد أمن وسلامة المجتمع، بل إننا كنا على وشك الوقوع فى حرب أهلية بسبب هذا الأمر، وهو ما دفعنى وقتها وأنا من أنصار الدستور أولا إلى الدعوة للتوافق حول ما نريد، ونظرا لعدم وجود توافق فى ذلك الوقت تمت مطاوعة الإخوان والسير فى طريق الانتخابات أولا.

∎ صباح الخير: ما أهم هذه الإشكاليات؟

- منصور حسن: أهمها سيطرة حزب على وضع الدستور، لذا لجأ المجلس إلى وثيقة الأزهر، ووثيقة الدكتور على السلمى حتى يطمئن الناس، لكن فى الوقت ذاته خرج البعض فى مليونية ويقولون لا لهذه الوثائق، واستمر هذا الموضوع فترة من الوقت، خاصة أن كل مجتمع لديه مجموعة من العناصر السوية، والعناصر غير السوية، حيث يوجد أشخاص يلتزمون بالقانون، ولكن هناك فئة أخرى متمردة وخارجة على القانون، لذا أقول أنه فى شتى الأماكن والأزمنة ينبغى تطبيق أمرين معا هما السياسة والحزم، فاستعمال السياسة فقط يؤدى إلى فوضى، كما أن استعمال الحزم فقط يؤدى إلى ديكتاتورية، والمجلس العسكرى أعلن قائلا إن عقيدتهم العسكرية تمنعهم من توجيه رصاصهم للشعب المصرى، لذا هم من قاموا حقيقة بحماية الثورة، ووقفوا إلى جانب الثوار، وهذا شىء لا يمكن أن ننساه للقوات المسلحة مهما أخطأ بعض العسكريين، فبعد أن أعلنوا فى بيانهم الأول أنهم سينزلون إلى الميدان مؤكدين أنهم لن يعتدوا على أى مواطن، وبالتالى قاموا بحماية الثورة فى مهدها الأول، وقت أن كان مبارك موجودا ولم ينفذوا أوامره قبل أن تظهر بوادر نجاح الثورة.

∎ صباح الخير: ما رد الفعل الذى كان متوقعا لو فشلت الثورة وتمكن النظام السابق من السيطرة عليها؟

- منصور حسن: لو أصابها الفشل وتمكنت داخلية مبارك من الانتصار لعلق مبارك المشانق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، لأنه فى هذا الوقت كان ما حدث سيصف الأمر على أنه انقلاب على السلطة، لكن القوات المسلحة وقفت إلى جانب الشعب فى ثورته السلمية، وهذا أمر لا يجب أن ننساه لهم، كما أننا لن ننسى للشباب إقدامهم على الثورة، بل سنظل مدينين لهم بما تعرضوا له من مخاطر، فقد استشهد العديد من الشباب الذين ضحوا بحياتهم التى لم يعيشوها فى سبيل هذا الوطن، حتى نعيش فى كرامة وعزة، فهؤلاء يجب علينا احترامهم جيدا سواء كانوا شبابا أو شهداء أو مجلس عسكرى والقوات المسلحة، فالكل شركاء فاعلون فى الثورة حتى لو حدثت أخطاء، ومن الأخطاء الأخرى التى تؤخذ على شباب الثورة أنه بعد أن سقط مبارك اعتبر هؤلاء الشباب أن المهمة تحققت وأن العهد الجديد قد بدأ، وهذا غير حقيقى، حيث اتجه الشباب إلى تشكيل ائتلافات شبابية حتى إنهم شكلوا أكثر من 170 ائتلافا، ودخلوا فى بعض الأحزاب القديمة، وإن كنت أنا شخصيا أعتقد أن هناك خطوة كانت أهم بعد سقوط مبارك وهى إنشاء حزب ثورة 25 يناير، ومازلت أتمنى ذلك، كما حدث فى ثورة 1919، حيث أسس حزب الوفد الذى تحول بعدها إلى حزب الحركة الوطنية، لذا كنت أتمنى تأسيس حزب ثورة 25 يناير لأسباب أهمها أن هذا الحزب كان سيحمل شعلة الثورة المصرية نحو المستقبل، وينظم قاعدة ثورية تكون بمثابة رمانة الميزان فى الحياة السياسية المصرية، خاصة بعد أن كانت الأحزاب القديمة تسبح فى الهواء بلا هدف، لكن نظرا لعدم إنشاء حزب للثورة ظلت الساحة خالية، وهو ما أدى إلى ظهور نوعية جديدة من الشباب فى عمر الـ 16 و17 سنة، لكنهم ليسوا من الثوار، ولا يمثلون وجهة المجتمع ولم يرغب المجلس العسكرى فى اتخاذ مواقف معادية ضدهم، وقال أعضاء المجلس هم أيضا شباب، وهم أبناؤنا الذين تركناهم على مدار السنوات الماضية، فى ظل غياب الشباب الأول الذى قام بالثورة فى 25 يناير، أصبح هؤلاء هم من يمثلون المجتمع رغم أنهم ليسوا جديرين كالشباب الأول، ولابد أن تقرر أننا المسئولون عنهم، ومن هنا ظهرت الفوضى.

∎ صباح الخير: توجد حالة من القلق تسود الشارع المصرى فما تعليقك على ذلك؟

- منصور حسن: خلال الفترة الماضية كنت أشعر بارتباك الناس، ولكنى كنت أقول إن هذا أمر طبيعى لأن أى مجتمع فى العالم ينتقل من مرحلة الديكتاتورية إلى الحرية والديمقراطية يمر بحالة من الارتباك والقلق، وهذا أمر طبيعى، لذا أدعو الجميع إلى عدم القلق، ولكنى اكتشفت بعد ذلك أن القلق يزيد كل يوم عن سابقه، بالإضافة إلى اليأس والإحباط الذى أصاب الناس حتى جاء موعد الانتخابات، ووقتها اعتقدت أن نسبة المشاركة ستكون قليلة، ولكن خاب هذا الظن فى يوم الانتخابات، حيث رأيت الطوابير الطويلة فى الشارع وجميعهم يسير فى صمت وصمود منقطع النظير، ووقتها بدأ الشعب يتمسك بالأمل من جديد، لذا نزل للمشاركة فى الانتخابات ولم يمر سوى يومين حتى خرجت نتيجة الانتخابات فى المرحلة الأولى باكتساح التيار الإسلامى، فبدأ الناس يشعرون بالقلق مرة أخرى، وأصابهم اليأس من جديد، فقلت للجميع علينا التمسك بالأمل، واليوم وقد انتهت هذه المرحلة ونحن مقبلون على انتخابات مجلس الشورى، وبعد ذلك سيتم تشكيل الجمعية التأسيسية «لجنة المائة» التى أصابها العديد من المشاكل خلال الفترة الماضية، أهمها أن الإعلان الدستورى يقول أن مجلسى الشعب والشورى هما المسئولان عن تكوين لجنة تأسيسية لوضع الدستور، كما أن الإعلان الدستورى لم يحدد كيفية تشكيل اللجنة، لذا عندما شعر الإخوان بتحقيق أغلبية فى البرلمان قالوا لن يقترب أحد من البرلمان حتى لا يدخل أى أشخاص من النظم التى كانت موجودة فى العهود القديمة، وحتى يتمكنوا من دخول رجالهم وتشكيلهم لهذه الجمعية التى ستضع الدستور مشككين فى كل من يسعى إلى تحقيق إصلاح أو توضيح أو وضع دستور توافقى للجميع، لذا فمن أخطر المشاكل التى نواجهها اليوم فى الحياة السياسية هذه الشكوك العميقة والموجودة لدى كل الأفراد من سيطرة فصيل معين على البرلمان.

وأقول أن المواطنين ليسوا مسئولين عن هذه الشكوك، ولكن العهود السابقة والحكام الديكتاتوريين هم من خلقوا تلك الشكوك، وقلت فى المجلس الاستشارى أننا لا نريد الدخول فى نزاعات أو صراعات أو خلافات حول هذا الأمر، لأن الأيام تثبت أن الإخوان أصحاب أغلبية، لذا ينبغى أن يحل هذا الموضوع بالسياسة، وبدون مشاكل، لذا قلت إننا ملتزمون بالإعلان الدستورى، ولن نقترب من لجنة تأسيس الدستور حتى يطمئن الجميع وحتى تنتهى حالة الشك بين الجميع، خاصة بعد أن صرح أحد أعضاء المجلس العسكرى أن المجلس عليه أن يضع قواعد لتشكيل لجنة الدستور ولن يتركها المجلس فى يد فصيل بعينه، فخاف الإخوان من ذلك، لذا لم يشاركوا فى المجلس الاستشارى، وبعد جهد طويل بذلته معهم اطمأنوا الآن بعض الشىء، وأنا أقول المهم أن نصل فى النهاية، وألا يسيطر حزب واحد علي اللجنة، كما أن اللجنة ينبغى أن تكون معبرة عن جميع أطياف المجتمع.

∎ صباح الخير: هل هذا هو السبب وراء القيام بمبادرة التوافق الوطنى؟

- منصور حسن: نعم، لذا قمنا فى المجلس الاستشارى بعمل مبادرة من أجل التوافق الوطنى، حيث ينادى البعض بسقوط المجلس العسكرى والبعض الآخر ينادى ببقائه، لذا طالبت بمناقشة هذه الأمور على مائدة التوافق الوطنى، وهنا أحب أن أؤكد أن المجلس العسكرى يصر على أنه فى نهاية يونية سيقوم بتسليم السلطة، وإن كنت أعتقد أنه لن يستمر حتى يوليو، ولكن الفترة الانتقالية التى يقودها العسكرى ستنتهى عمليا فى منتصف أبريل، وهو موعد فتح الباب للترشح للرئاسة، وبذلك سنكون قد دخلنا فى المرحلة النهائية، ونحن أمامنا لتحقيق ذلك شهران ونصف الشهر فقط.

ولابد أن أقول بمنتهى الصراحة أن السبب الحقيقى وراء المناداة برحيل المجلس العسكرى هو العند والثأر الذى يطالب به بعض الشباب المتظاهرين لكسر المجلس العسكرى، وذلك لاتهامه لبعضهم بالعمالة والتمويل من جهات خارجية، وكان لابد للمجلس العسكرى أن يقدم الأدلة الكافية لتلك الاتهامات، وهؤلاء يسعون إلى رحيل المجلس العسكرى بأى شكل حتى لو بقى له يوم واحد فقط، حتى يقولوا نحن هزمنا المجلس العسكرى،

لذا أؤكد ل∎ صباح الخير: البعض يقول إن الدستور القادم ستكون مواده من بين مواد الدساتير السابقة فما صحة ذلك؟

- منصور حسن: نحن لدينا العديد من الدساتير بدءا من دستور 1923، ودستور 1954ودستور 1956 ودستور 1971، وأنا أؤكد بلا مبالغة أن اثنين من الخبراء الدستوريين لديهما القدرة على وضع الدستور، وأنا أعتقد أن مدة وضع الدستور لن تزيد على أسبوع أو عشرة أيام، لأن المواد كلها موجودة على عكس ما كان يحدث فى الماضى، حيث كان الفقيه الدستورى يضع المادة من بدايتها حتى نهايتها، وذلك لو استطاع رئيس اللجنة السيطرة علي أعضائها فلن تطول فترة وضع الدستور، والآن المجلس العسكرى يقول لو تم الانتهاء من الدستور وقت انتخاب رئيس الجمهورية سوف يقومون بتسليم السلطة، وإذا لم يتم الانتهاء من وضع الدستور فما الحل؟ أعضاء المجلس العسكرى قالوا: هنسلم السلطة يعنى هنسلمها فى أول يوليو، حيث يوجد إعلان دستورى يقول كيف ينتخب رئيس الجمهورية، فهم لا يريدون البقاء فى السلطة، ولو أرادوا البقاء لقالوا لن نمشى حتى ننتهى من وضع الدستور، لذا أؤكد أنهم سيتركون السلطة فى أول يوليو، كما أؤكد ونحن نحتفل بعيد الثورة أن هناك العديد من المشاكل التى كان بعضها خطيرا، حيث توجد دماء وشهداء، وأخطر شىء أننا تقريبا ضيعنا فرحة الثورة من قلوبنا بأيدينا وتصرفاتنا، لكننى آمل أن نعرف كيف ندير الوطن فى الفترة الباقية، فمنذ عدة أيام قلت إننى أطالب جميع القوى السياسية لنتوافق على حل المشاكل لماذا؟ لأننا نرغب فى الانتهاء من المرحلة الانتقالية، والانتقال إلى مرحلة الهدوء والاستقرار، ولا يجوز أن ندخل على الجمهورية الجديدة ونحن محملون بهذه المشاكل، وهذا ما آمل فيه.

∎ صباح الخير: ماذا عن ترشحك لمنصب رئيس الجمهورية؟

- منصور حسن: هناك بعض الأشخاص الذين قاموا بترشيحى، وقد سمعت بذلك عدة مرات، وأنا لا أستطيع أن أعترض على مثل هذا المطلب أو أخذل الذين وضعوا ثقتهم فىّ، فإذا طالبنى الشعب بذلك فأنا فى خدمته، ولن أرفض طلبه، كما أقول أننى لم أسع إلى منصب فى حياتى، لكن هذه مسئولية وطنية لا أستطيع أن أرفضها، وهذه حقيقة لأنها مسئولية تقع على عاتق كل محب لهذا الوطن.

∎ صباح الخير: ما تعليقك على انسحاب الدكتور البرادعى؟

- منصور حسن: الدكتور البرادعى شخصية محترمة، كما إنه لعب دورا مهما فى الثورة من حيث التمهيد لها، وهو شخص ذو أفكار صريحة، وكنت آمل ألا ينسحب البرادعى وأن يظل فى الساحة، وهو يقول أنه انسحب لأنه لم يجد النظام الديمقراطى الذى يريده ووجد مشاكل، وأنا أقول له أنه لا يوجد نظام انتقالى يكون ديمقراطيا، وهذا ما كنا نأمله فيه.

∎ صباح الخير: ما النظام الأصلح لنا فى الفترة المقبلة هل النظام الرئاسى أم البرلمانى؟

- منصور حسن: نحن نحتاج إلى النظام البرلمانى وهو أفضل الأنظمة لنا خلال الفترة المقبلة، وأسباب ذلك أن لدينا ميراثا سلطويا قديما وعميقا، وبالتالى لو أصبح النظام رئاسيا سيؤدى ذلك إلى أحوال استثنائية يستخدم فيها الرئيس سلطاته، لذا أقول حيث إن هناك نظاما سلطويا أخشى أن يأتى الرئيس فى وقت معين ويخرج سلطاته، ولا نستطيع رده بعد ذلك، لكن فى النظام البرلمانى الرئيس رمز وحكم بين السلطات ومراقب لها، وفى الوقت نفسه الرئيس ليست له سلطات وبالتالى لن يصبح ديكتاتورا، لأن الشعب هو مصدر السلطات، ولكن فى هذه الفترة لابد من النظام المختلط بين الرئاسى والبرلمانى، وآمل أن نصل فى يوم من الأيام بعد أن يصل الشعب إلى درجة من الانضباط إلى النظام البرلمانى، لنا أن نتذكر كيف رفض المجلس العسكرى ذلك وقالوا إن هناك نسبة ستكون بالقائمة النسبية، وأخرى بالقائمة الفردية، وقال أعضاء المجلس هناك أشخاص أحرار، لذا علينا أن نضعهم فى الصورة بنسبة النصف أو 03 أو 04٪، ليصبح 52٪، وهذا، ليس كلاما سياسيا لأنه فى السياسة فى الأساس نقوم بتحديد النظام السياسى التنفيذى هل هو رئاسى أم برلمانى، أم مختلط، فإذا صنعت نظاما برلمانيا، فى هذه الحالة يصبح الاختيار فى الانتخاب بالقائمة النسبية لأنها تجعل الأغلبية واضحة، كما أنه لا يجعل رئيس الوزارة أسير الائتلافات، والائتلافات تضعف الحكم، ومن الممكن أن تنهار بين شهر وآخر، لذا ينبغى أن تبقى بالفرق ليصبح واضحا بنسبة 05+ 1 للقائمة.

∎ صباح الخير: توجد حالة من التوتر بين الشعب والمجلس العسكرى فما النصائح التى يقدمها المجلس الاستشارى للمجلس العسكرى لتخفيف حدة التوتر خاصة يوم 52 يناير المقبل وما النصيحة للتعامل فى هذا اليوم؟

- منصور حسن: لست خائفا من 52 يناير رغم التهديدات، ولكنى أعتبر هذه التهديدات لغرض تخويف المواطنين لمنعهم من الخروج للاحتفال بيوم 52 يناير، وبالتالى تفشل الثورة، لكن حقيقة الأمر أن جميع القوى السياسية الحقيقية والقوية قالت إنها ستحضر الاحتفال كالإخوان والسلفيين، وعلينا أن نلاحظ أن الإخوان بعد نجاحهم فى البرلمان أصبح فكرهم أقرب إلى فكر المجلس العسكرى، فاليوم الثوريون يطالبون برحيل العسكرى، لكن الإخوان يطالبون ببقائه حتى نهاية يونيو، فأنا لست خائفا من 52 يناير، كما أنه يوجد استعداد جيد للاحتفال بهذا اليوم، هذا بالإضافة إلى وجود حالة من التوتر بين الشعب والمجلس العسكرى، وأنا أقول صراحة أن هذا التوتر أخذ حجما أكبر من حجمه، لكن حقيقة جوهره أنه ليس توترا بين الشعب والمجلس العسكرى، نعم وقعت بعض الأخطاء خاصة فى أحداث قصر العينى، لكننى لست خائفا من يوم 25يناير، وأؤكد أن هناك قوة شعبية ستتوجه لحماية الوطن ولن يسمحوا بالتخريب، كما أطالب المجلس العسكرى بأن يتعامل مع يوم 25 يناير على أنه يوم عيد يتم فيه تكريم الشهداء وشباب الثورة، ونحتفل معا دون توتر.

∎ صباح الخير: الأغلبية المثقفة من الشعب المصرى يعلمون جيدا أن الإخوان لا ينفذون وعودهم، كيف ترى المشهد فى حالة سيطرة الإخوان، خاصة مع وجود حالة من الخوف موجودة فى الشارع المصرى؟

- منصور حسن: المسألة لا تدعو للقلق، كما أن تقدير الأمور يتوقف على خبرة الأشخاص، وإن كنت شخصيا لست خائفا من صعود الإخوان أو سيطرتهم، وعلينا أن نعطيهم الفرصة لإثبات ذاتهم، كما أدعو الجميع لعدم القلق وذلك لأسباب أهمها أن ثورة 25 يناير حققت نتائج هائلة جعلت الشعب المصرى بعد الثورة غير الشعب المصرى قبلها هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن حماية النظام أصبح أمراً متروكاً للرأى العام، ولذا أدعو الشعب الاحتفاظ بالمليونيات للأمور المهمة، ولكن خروج المليونيات كل جمعة يفقد هذه المليونية قيمتها، كما أن كل الدول الديمقراطية تعطى المعارضة فرصة للحكم إذا جاءت بهم صناديق الانتخاب، وهذا ما حدث مع الإخوان الذين تعرضوا للاضطهاد على مدى 80 عاماً هى عمر الجماعة، وأؤكد أن قيام الجماعة فى السر وعلى شكل عقائدى كان سبب قوتهم، ولكن الآن اختلفت الأمور وأصبح ظهورهم سياسياً أكثر منه عقائدياً ولذا كنت أتمنى فى بداية الثورة أن يحتل حزب الوفد صف المعارضة، ولكننا فوجئنا بالوفد يقوم بالتحالف مع الإخوان، وأنا لست ضد هذا التحالف ولكن كان الطبيعى أن يبقى أحدهما فى صفوف المعارضة، لأن المعارضة دائما تكسب ولكن عندما تصل إلى الحكم يتغير خطابها بعد ذلك.

∎ صباح الخير: هل الإعلام المصرى يعيش حالة من الفوضى أم تتم عملية إعادة هيكلة له؟

- منصور حسن: الإعلام هو الابن الضال للحكم فى مصر، ومن الملاحظ أنه طول المدة السابقة كانت هناك علاقة بين الحكم والإعلام، ولذا كنا نجد وزارة الإعلام، مرة أخرى يتم دمجها فى وزارة الثقافة، ومرة ثالثة تلغى وزارة الإعلام، ثم تعود مرة أخرى وكل ذلك لخدمة أهداف النظام، لكن الآن وبعد أن عاد الحكم إلى الشعب أقول إننا فى حاجة إلى تأسيس جهاز إعلامى موضوعى لخدمة الرأى العام، وليس لخدمة النظام، فطوال الخمسين سنة الماضية والإعلام لدينا هو إعلام حكومة، لكنه فى السنوات الأخيرة بداية من 2005 تحديدا وقد سمح للإعلام بشىء من الحرية، وهذه الحرية لم تأتى لسماحة رأس النظام، ولكنها جاءت لإرضاء جهات خارجية وليقول لهم إننا لدينا ديمقراطية، كما أنه كما أعرف عن مبارك أنه لا يحب المواجهة، على عكس العسكريين تماما، كما أنه قد استسلم لأمريكا وضغوطاتها إلى ما لا نهاية، ولذا بدأت الحرية تتسلل إلى الإعلام شيئا فشيئا.

ونحن الآن فى حاجة إلى تأسيس نظام إعلامى يقوم على أساس خدمة الجماهير وليس خدمة النظام، لو قمنا بعمل هذا النظام سنجد لدينا نظاماً يخضع للمعايير الإعلامية الصحيحة ولا يخضع لوزير سواء كان ذلك فى الإعلام العام أو الخاص، ويتم تأسيس هيئة وليكن اسمها مثلا المجلس الأعلى للإعلام تكون مهمتها مراقبة الإعلام، ويكون لكل جهة إعلامية هيئة تقوم بتنسيق العمل بداخلها، وأن يقوم العاملون بهذه الهيئة بإدارة العملية الإعلامية بأنفسهم، وهم الذين يقومون برفع مطالبهم للمجلس الأعلى للإعلام وكل هيئة تحتاج إلى مشرف وليس وزيراً وذلك لأن الإعلام من أجل الشعب والإشراف عليه يكون من الشعب.

∎ صباح الخير: أعلن المجلس العسكرى فى الفترة الأخيرة عند حدوث أى مشاكل عن وجود طرف ثالث وأياد خارجية تعبث بأمن الوطن، وحتى الآن لم يتم الإعلان عن هذا الطرف الثالث فما تعليقك؟

- منصور حسن: نعم نحن نسمع عن أياد خارجية، ولكن فى حقيقة الأمر أننا ومنذ أن انهار جهاز مباحث أمن الدولة ونحن أصبحنا عرضة للتدخل فى شئوننا خاصة أن الجهاز القديم كان أقوى من أجهزة الأمن العادية، نعم هذا الجهاز على قدر ما كان سيئاً كان يوجد به العديد من الكفاءات، كما أنه كان يمارس عمله بإذن من النظام لخدمة أهدافه، ولكن بعد أن تم حل الجهاز القديم لم يتم الاحتفاظ بالأشخاص أصحاب الخبرة فى العمل الأمنى، واليوم نحن لدينا جهاز الأمن الوطنى، لكنه مازال لا يعرف الكثير ولذا أقول نحن فى خطر حقيقى، كما أؤكد أن هناك أيادى خارجية تعبث بأمن الوطن ولذا نشاهد أحداث العنف بصفة مستمرة كما حدث فى محمد محمود، وأمام مجلس الوزراء ومن قبلهما ما حدث أمام ماسبيرو.

∎ صباح الخير: لو قمت بزيارة الرئيس السابق حسنى مبارك فى المركز الطبى العالمى ماذا تقول له؟

- منصور حسن: أنا لا يمكن فى ظل الظروف التى يعيشها مبارك أن أتكلم عنه أو أهاجمه ولكنى أقول له «أنا عارف الوضع مؤلم وصعب لكن عزاءك الوحيد أنك خدمت فى القوات المسلحة، وكنت من أبطال حرب أكتوبر، وأراد الله أن تكون رئيسا للجمهورية أدعو الله أن يشفيك.

∎ صباح الخير: فى عهد السادات أصبحت وزير شئون رئاسة الجمهورية ووزير إعلام ووزير ثقافة وهذا يعنى أن منصور حسن أحد أهم الخبرات الموجودة، ولكن على مدار ثلاثين عاما لم نشاهد منصور حسن فما هى أسباب اختفائك؟

- منصور حسن: قيل أن حسنى مبارك هاجم منصور حسن كما لم يهاجم أحداً من قبل، كما أننى لم يكن لدى مشكلة فى التعامل مع مبارك، وكان مبارك نائبا لرئيس الجمهورية مع السادات قبل أن ألتحق بالعمل معه بثلاث سنوات، وعندما دخلت بعده طالب البعض بأن أكون نائبا للرئيس وفى هذا الوقت قام أحد الصحفيين اللبنانيين بإجراء حوار معى ووضع مانشيت بعنوان «الرجل القادم فى مصر يتحدث» ولك أن تتخيل ما حدث بعد هذه الكلمة، ولذا عندما جاء مبارك قام باستبعادى وأنا لا أتكلم وكان المتوقع وقتها أن أكون نائبا لرئيس الجمهورية لو عاد السادات من الاحتفال ولكن بعد الاحتفال الأمور تغيرت كثيرا وعندما جاء مبارك بعد ذلك رئيسا للجمهورية لم تكن مشاعره نحوى طيبة، ولكنى تجنبت الحياة السياسية ولم أعطله حفاظا على المصلحة العامة، رغم أنه فى عام 1948 استعان بى لإعادة العلاقات مع بعض الدول العربية ونجحت فى ذلك.

∎ صباح الخير: لو جئت رئيسا لمصر فما هى أهم الصفات الإيجابية التى وجدت فى جمال عبدالناصر والسادات، ومبارك، وما هى كذلك الصفات السلبية فى كل منهم؟

- منصور حسن: لن أتكلم فى السلبيات لأنها تخص مبارك وحده، ولكن عبدالناصر كان به العديد من الصفات أهمها الزعامة الوطنية والإحساس العالى بالكرامة فأضاف لشعبه ولكن نحن فى السنوات الأخيرة «مشينا جنب الحيط حتى داست علينا أمريكا»، وأنا أعتقد أن عبدالناصر لم يكن سياسياً ولكنه كان رجلاً اجتماعيا من الطراز الأول والنادر، أما السادات، فكان رجلاً لديه مكر ودهاء، وسرعة بديهة، وإصرار على الوطنية المصرية، كما أن عبدالناصر بعد هزيمة 1967 أعاد بناء الجيش، ولكن السادات فى 2791عانى من الوضع فى المنطقة وأتى بالسلاح من روسيا، كما وضع خطة تمويه لتعويض النقص فى السلاح كما استغنى عن المهندسين الروس الموجودين فى مصر وقتها كما قام بتعبئة الجيش المصرى غرب القناة أربع مرات وكان كل ذلك لتخدير إسرائيل وإيهامها بأنه لم يكن ينوى الحرب كما أنه فى ذات الوقت كان يعمل على عدم تقديم أى مساعدات أمريكية لإسرائيل أثناء الحرب، خاصة أن أمريكا كانت لن تسمح بتفوق السلاح الروسى على السلاح الأمريكى، وبعد العبور استطاعت القوات المصرية الاستيلاء على 41 كم2 شرق القناة على طول خط قناة السويس والـ41كم2 تعنى خمسة آلاف كم2 من أرض سيناء التى تبلغ مساحتها «161 ألف كم2» أى بقى تحت سيطرة العدو «651 ألف كم2» وهذه المساحة كلها تم استرجاعها بالدهاء السياسى الذى تميز به السادات الذى كان يقول «لقد قمت بالعبور وصنعت الانتصار العسكرى» خاصة أن إسرائيل كانت على أتم الاستعداد لمواجهة الجيش المصرى، وأمريكا لم تكن ستسمح بذلك للسادات وبعد النصر كان يقول لهم أعطونى أرضى أولا، وبعد ذلك نرى السيادة المنقوصة والكاملة»، فالسادات استعاد 651 ألف كم2 التفاوض و الإيجابية.
المصدر: صباح الخير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق