الأحد، 1 مايو 2011

«زنزانة الهوانم» تنتظر «الهانم»







المصدر: مجلة اكتوبر


سيدة من نوع خاص.. سيدة يترقبها الجميع فى سجن القناطر.. يقال إنها سوزان صالح ثابت أو سوزان مبارك سابقاً، تردد أكثر من مرة أنه سيتم التحقيق معها، لكن الموضوع يتم تأجيله فى آخر لحظة لأسباب مختلفة..! والمناسبة أن مصادر خاصة من داخل السجن أكدت على وجود إجراءات مكثفة وحركة غير عادية يشهدها السجن حالياً استعداداً لاستقبال الهانم سوزان مبارك قرينة رئيس الجمهورية السابق وذلك لتضخم ثروتها وإهدارها المال العام، وإيداعها 145 مليون دولار كانت مخصصة أصلاً لمكتبة الإسكندرية فى حسابها الخاص، وصك صورتها على عملات ذهبية لتوزيعها على زوجات الرؤساء والوزراء فى مهرجان القراءة للجميع باتفاق مسبق مع وزيرى الإعلام والمالية السابقين.



ورغم عدم «مثولها» للتحقيق حتى «مثول» المجلة للطبع. فإن مصادر مطلعة أكدت لأكتوبر أن العمل يجرى حالياً على قدم وساق فى سجن القناطر رقم (2) الخاص بالنساء استعداداً لاستقبال حرم الرئيس السابق وسيدة مصر الأولى والتى ظلت تحكم قصور الرئاسة بقبضة حديدية لمدة تزيد على 30 عاماً.
وأشارت المصادر إلى أن عملية التجديد بدأت مؤخراً بالعنبر رقم (12) المعروف بجناح الأموال العامة حيث تم تجديد الأرضيات والحوائط ورفع مستوى الإضاءة، وزيادة عدد المراوح قبل دخول الصيف، وغرس أشجار جديدة مع توزيع نباتات الزينة فى اتجاهات العنبر الأربعة.
واللافت للنظر أن إدارة السجن قامت بالتعاون مع الإدارة الهندسية لقطاع السجون بتجديد زنزانة خاصة قريبة من مكتب المأمور كانت مهجورة لفترة طويلة إلى أن صدرت تعليمات مؤخراً بتوسيعها وتجديدها وإعادة طلائها وتزويدها بحجرة إضافية وريسبشن وحمام تشطيب لوكس مزود بالطاقة الشمسية وجهاز تكييف وثلاجة وطقم أنتريه لاستقبال الضيوف، حيث توقعت المصادر أن يكون هذا المكان مخصصاً لسيدة مصر الأولى سابقاً نظراً لكونه مستقلاً وقريباً من مكتب المأمور. وقد أطلقت نزيلات السجن على هذه الزنزانة، زنزانة الهوانم، للتجديدات الطارئة عليها، بالإضافة إلى أنها بعيدة عن السجينات فى عنبر الأموال العامة، وهو العنبر الذى يتميز بالشُهرة والشياكة نظراً لارتفاع مستوى نزيلاته صاحبات المليارات اللائى قمن بالاستيلاء على المال العام حيث يقمن بالإنفاق على السجينات الفقيرات ورعاية أسرهن خارج السجن، وصرف إعانات شهرية للمرضى والأرامل والحوامل والأطفال اليتامى، كما تساهم نزيلات عنبر الأموال العامة فى رفع مستوى الخدمة، ومضاعفة أعمال الخير على أساس أنها صدقة جارية تنفعهن بعد خروجهن من السجن وخلعهن الثوب الأبيض.
زنزانة الهانم
كما أن الزنزانة الجديدة ستكون بعيدة أيضاً عن عنابر الآداب والقتل والمخدرات حيث الضوضاء والمشاجرات اليومية التى تتم بين النزيلات الجدد والقدامى.
أما عن الصورة التى نشرتها إحدى الصحف مؤخراً وقالت إنها الزنزانة المعدة لسوزان مبارك فلا علاقة لها بالحقيقة لأن الصورة المنشورة هى استراحة ضباط السجن الموجودة على النيل وليست زنزانة سوزان مبارك.
وكما تقول المصادر فلن ينسى نزلاء سجن القناطر الأيام الأولى لهدى عبد المنعم التى كانت تقوم فيها بتوزيع الإعانات الشهرية على كل النزلاء - رجالاً ونساءً - وشراء الهديا وإقامة الحفلات لهن ولأطفالهن خاصة فى أيام الأعياء والمولد النبوى وتحملها مصاريف الإفطار الجماعى فى رمضان وموسم دخول المدارس، بالإضافة إلى طابور السجينات اللائى كن يتسابقن فى خدمتها، وكى ملابسها وتنظيف مكان إقامتها، وذلك لشدة الكرم الذى كانت تتمتع به هذه السيدة الأنيقة.
والطريف - كما يقول المصدر - أن نزيلات سجن القناطر يترقبن حالياً قدوم السيدة سوزان ثابت زوجة الرئيس السابق مبارك على أحرّ من الجمر مؤكدين أن قدومها سيكون فاتحة خير عليهن من باب «إن من جاور السعيد يسعد ومن جاور الحداد انكوى بناره».
ويضيف أنه رغم التجهيزات الخاصة لزنزانة سوزان مبارك - والتى من المتوقع أن تكون فيها خلال الأيام القليلة القادمة بعد مثولها للتحقيق، وصدور قرار النائب العام بحبسها على ذمة القضية 15 يوماً فإن السجن هو السجن لا فرق بين سيدة القصر ونزيلات الآداب وتجارة المخدرات، بل على العكس فإن مشاعر الوحدة والألم ستكون مضاعفة على سوزان مبارك، لأنها بعد حياة البذخ والقصور والأمر والنهى والجمال والخضرة والحرية ستكون سيدة مصر الأولى والتى كان يشار لها بالبنان حبيسة أربعة جدران ولن تجد أمامها إلا حوائط الزنزانة والأبواب والشبابيك والصمت الذى يلف المكان، ثم طرقات ضيقة وألوان قاتمة وتعليمات مشددة يلتزم بها كل من دخل من البوابة الرئيسية.
وعن إجراءات الدخول يقول المصدر: بعد إغلاق البوابة الرئيسية تقرأ النزيلات عبارة واحدة هى أن «سجن القناطر للنساء يرحب بالزائرين» بعدها يقوم المأمور بمراجعة كشوف السجينات المستجدات بنفسه وينظر إليهن واحدة تلو الأخرى حيث تظل هذه النظرة ملازمة للسجينة طيلة سنوات السجن ولحين انتهاء فترة العقوبة وبعدها تذهب السجينات المستجدات إلى عنبر تغيير الملابس «الملكى» لاستبدالها بملابس «ميرى»، وهى الملابس البيضاء التى ستظل ملازمة للسجينة حتى انتهاء فترة العقوبة، وقد ارتدتها شهيرات سجن القناطر بلا تفرقة أو تمييز، لأن مسألة الزى «بالذات» الكل فيها أمام القانون سواء، مضيفاً أنه بعد إدانة سوزان صالح ثابت أمام أجهزة الكسب غير المشروع وحبسها 15 يوماً على ذمة القضية فإنها ستأتى إلى هنا وسترتدى هذه الملابس البيضاء كما لبستها من قبل أمانى أبو خزيم وراندا الشامى ووفاء مكى ومنى الشافعى وهدى عبد المنعم.
ليلة الوحدة
ويضيف المصدر أن أصعب الليالى على السجينة هى ليلة الوحِدة وهى الليلة الأولى من دخول السجن وتقول عنها النزيلات بأنها لا تختلف كثيراً عن دخول القبر، فلا أنيس ولا ونيس ولا جار ولا صاحب ويتذكر المصدر أنه عندما دخلت المذيعة الجميلة أمانى أبو خزيم الزنزانة كانت تبكى باستمرار عكس راندا الشامى ومنى الشافعى وهدى عبد المنعم ووفاء مكى، والفنانة القديرة حبيبة التى سجنت 5 سنين ظلما بدعوى قتل زوجها، وعندما سألنا «السجانة» عن حقيقة بكاء أمانى المستمر قالت: البنت دى بريئة - تقصد أمانى، وإن شاء الله ربنا «هيخلص» ذنبها وكانت تقول إن سوزان مبارك سجنتها لأنها بِتغيِر منها علشان حلوة، وإن قضيتها فشنك، وأمانى أقسمت على المصحف أمام السجّانة إن سوزان وصفوت «هما» السبب فى سجنها لأنها بريئة.
ثم يضحك المصدر قائلاً: وكأن السجّانة كانت تعلم الغيب أو مكشوف عنها الحجاب حيث تمر الأيام وتخرج أمانى أبو خزيم بعد قضاء فترة العقوبة، ثم تتوالى الأحداث وتقوم ثورة 25 يناير، ويسقط النظام، ويدخل كل رموز الفساد السجن بمن فيهم مبارك «وأنجاله» ويأتى الدور على سوزان حيث تقوم إدارة السجن حالياً بتجهيز زنزانة خاصة لحرم الرئيس السابق لتلقى نفس المصير المؤلم الذى لقيته أمانى، ومع رفضه روح الشماتة فقد أنهى المصدر حديثه لأكتوبر بقوله تعالى: «ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخّص فيه الأبصار» صدق الله العظيم.
وعن التقسيم الجغرافى لسجن القناطر علمت أكتوبر من مصدر أمنى سابق أن مساحة السجن تزيد على 70 فداناً من أجود أراضى الدلتا، كانت مخصصة فى البداية لحيدر باشا وزير الحربية فى العهد الملكى، والذى أنشأ عليها فيللا وحفر سرداباً متصلاً بالنيل لاستخدامه فى الحالات الطارئة، وهو السرداب الذى مازال موجوداً حتى الآن. وقد أكد شهود عيان أن السرداب أو النفق الذى كان تحفة معمارية فى الأربعينات أصبح الآن خرابة ومرتعاً للحشرات والكلاب الضالة والأعمال المنافية للآداب، ووكراً لعتاة الإرهاب والجريمة خاصة بعد أحداث 25 يناير.
حيدر باشا
وبعد انتشار أعمال السلب والنهب وجرأة فتيات الهنجرانية على عمال الرى وصيانة الكبارى بالقناطر، وقتل أحد المهندسين قرر حيدر باشا التنازل عن الفيللا والأرض، وتحويل المكان إلى سجن عصرى يليق بعتاة الإجرام من فتيات الهنجرانية، ثم تحول بعد ذلك إلى سجن شامل يضم بين جنباته كل الجرائم بداية من القتل والسرقة والنشل وحتى تجارة المخدرات والأموال العامة. وأصبح سجن القناطر أكبر سجن مركزى يضم بين جدرانه جميع سيدات المجتمع سواء كن متسولات أو سيدات أعمال ومن كل محافظات مصر من الإسكندرية إلى أسوان.
ويعتبر المبنى القديم فى سجن القناطر هو أهم المبانى على الإطلاق، فرغم تاريخه الطويل، ودوره البارز فى تأديب وإصلاح الفتيات النشالات والمسجلات خطراً فإنه مازال بحالة جيدة بفضل الرعاية الكاملة والتطوير المستمر لإدارة السجن وقطاع الإدارات الهندسية بمصلحة السجون والدعم الذى كان يقدمه اللواء عاطف شريف مساعد وزير الداخلية السابق للقطاع.
والمبنى القديم - كما يقول المصدر - يضم 3 عنابر هى 5، 6، 7 يتسابق عليها السجينات الجدد، للإقامة فيها لكونها تتميز عن غيرها من العنابر الجديدة نظراً لأنها مقامة على مساحات واسعة، وحوائط مرتفعة، ونوافذ جيدة التهوية، كما أن كل عنبر منها به مرحاض كبير يضم 10 مراحيض صغيرة تخدم 250 نزيلة.
بعبع السجن
وفى المدخل العام توجد المكاتب الإدارية بموظفى الحسابات والإدارة الهندسية، والشئون المالية والإدارية ورواتب الموظفين، بالإضافة إلى مكتب المأمور العميد خ.ى والسيد النائب ورئيس المباحث، وضابط التنفيذ العقابى والذى يمثل «بعبع السجن» لأنه يقوم بتنفيذ القانون بحذافيره، بالإضافة إلى حجرتى الأمانات والتفتيش.
وعن أمانات السجن يقول المصدر الأمنى تقوم الإدارة بتسجيل متعلقات السجينات وحفظها حتى لو استمر حفظها لمدة 25 عاماً، وبعد تنفيذ العقوبة على السجين تصبح هذه المتعلقات عهدة عند الموظف، وإذا أخل بشرف الوظيفة تتم مجازاته، وتوقيع أقصى عقوبة عليه فى حالة تلفها ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد ولكنه ملزم برد أى متعلقات فى حالة فقدانها.
ويتابع المصدر أنه بعد عبور البوابة الرئيسية يوجد على يمين المدخل ساحة الزيارة، حيث يتمتع الزائر والسجين بكافة حقوقه القانونية مع توفير كل وسائل الترفيه، وفى وسط السجن توجد مساحة كبيرة تم تجديدها مؤخراً لتناسب شكل وهيكل السجون العصرية، ولا تفتح إلا عند عبور طفطف الطعام والذى يأتى مجهزاً من سجن الرجال ويتم توزيعه على سجن النساء.
ولأن السجن قطعة أو جزء من المجتمع فهناك (الأغنياء) وهناك (الفقراء). فالأغنياء هم تجار المخدرات وأصحاب قضايا الأموال العامة، أما الفقراء فإنهم أصحاب قضايا السرقة والنشل والدعارة وأبناء الأسر الفقيرة الذين ينتظرون الزيارة كل ستة أشهر على أقل تقدير، ورغم القبضة الحديدية ومبدأ العدل والمساواة الذى تحاول إدارة السجن تطبيقه. فإن الأموال وخاصة فى السجن لها فعل السحر بين النزيلات، حيث تتسابق الفقيرات منهن على خدمة نزيلات عنابر المخدرات والأموال العامة طمعاً فى دفع المعلوم ورفع قيمة المكافأة أو الهبة، ومع هذا تتسابق بعض سيدات المجتمع المخملى والطبقات الراقية على فعل الخير دون أى مقابل، كما كانت تفعل منى الشافعى قبل خروجها من السجن وتسوية ديونها مع البنوك وهو الأمر الذى سارت عليه هدى عبد المنعم وراندا الشامى ووفاء مكى، فى حين اكتفت أمانى أبو خزيم بعلاقتها الطيبة ومودتها الزائدة مع السجينات لأنها لم تكن تملك أى شىء.
لقمة هنية
وأجمل شىء فى السجن - كما يقول المصدر هو علاقة الاحترام والمحبة التى تربط السجينات الصغيرات بكبار السن من النزيلات حيث يتقاسم الجميع الطعام والشراب أو الزاد والزواد كما يقولون، كما أن الفتيات الصغيرات ينادين على من يكبرهن سناً بلقب أمى وهذا إن دل فإنما يدل على تعميم روح المودة بين فئات المجتمع حتى فى أحلك الظروف.
كما أن المجاملات والمعايدات لها نصيب وافر فى تأكيد أواصر المحبة بين السجينات، فعندما يعلمن بزواج أحد أبناء الزميلات يقمن بإعداد حفلة صغيرة بدعم من المأمور ونائبه ورئيس المباحث وبعض الضباط للتعبير عن الفرحة والمشاركة، وفى حالة مرض إحداهن يتسابق السجينات أيضاً على خدمة النزيلة المريضة ويسارعن بزيارتها فى المستشفى الذى تم تطويره على أحدث مستوى بفضل دعم قطاع السجون وبعض سجينات عنبر الأموال العامة، والمعاملة الطيبة فى المستشفى تأتى تأكيداً للمثل القائل «رب أخ لم تلده أمى»، ونفس الشعور يكون فى حالة وفاة أحد الأقارب حيث تعلن السجينات حالة الحداد مواساة لزميلتهن فى السجن أو العنبر، وأجمل أيام السجن أيضاً هو يوم الخروج منه بعد انتهاء فترة العقوبة، وإعلان قرار الإفراج، حيث تقوم سجينات العنبر بتوديع الزميلة، فى حضور مأمور السجن والذى يكون له دور بارز فى رفع الروح المعنوية للسجينات، ودفع المفرج عنهن إلى العمل الشريف حتى لا تتكرر مأساتهن مرة أخرى.
وفى النهاية تقوم إدارة السجن بإعداد حفلة صغيرة ابتهاجاً بخروج السجينة تؤدى فيها السجينات الموهوبات أعذب الأغانى والألحان على وقع الطبلة وأوانى الطهى.
ومن جانب آخر أشار مصدر خاص إلى أن سجن القناطر رقم (2) المخصص للنساء به أكثر من 2000 نزيلة فيما يضم سجن القناطر رقم (1) ما يقرب من 1500 نزيل بالإضافة إلى 500 آخرين دخلوا السجن بعد الأحداث الأخيرة مؤكداً على تعدد الأنشطة التى توليها إدارة السجن لخدمة المساجين كمشاريع التأهيل والتدريب وورش الصيانة والنجارة، ومصانع الخياطة والتطريز والتريكو والملابس الجاهزة، ومعارض الأثاث.
كما تحرص إدارة سجن النساء بالقناطر على محو أمية السجينات والإنفاق عليهن وتشجيعهن على استكمال التعليم الفنى والتجارى والجامعى والدراسات العليا.
كما أن مكتبة السجن تساهم بشكل فاعل فى رفع وعى وتثقيف النزيلات بالإضافة إلى الأنشطة الرياضية والحِرف اليدوية التى تبرز قيمة الجمال والإبداع عند السجينات.
وفى لقاء خاص أكدت المذيعة الشهيرة أمانى أبو خزيم والتى قضت أكثر من 4 سنوات ظلماً فى سجن القناطر، قائلة: أنا لن أستريح حتى أرى سوزان مبارك فى سجن النساء وهى ترتدى الجلباب الأبيض، وتعيش نفس الأيام السوداء التى قضيتها داخل السجن، والتى كانت سبباً فى ضياع مستقبلى وحسرة أمى وتشويه صورتى بالباطل.
وأضافت: دخلت السجن فى قضية مفبركة لا أساس لها من الصحة حيث تآمرت زوجة الرئيس المخلوع مع صفوت الشريف وأنس الفقى على قتلى معنوياً ومادياً، وادعوا الثلاثة كذباً أننى قدمت رشوة لعصمت أبو المعالى رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر وهذا لم يحدث جملة وتفصيلاً.
وتتابع أمانى أبو خزيم قائلة: كانت بداية المأساة عندما استدعانى صفوت الشريف ذات يوم وأكد لى أنه اختارنى قارئة نشرة نظراً لسلامة اللغة ومخارج الألفاظ التى كنت ومازلت أتمتع بها وموافقة كبار مذيعى التليفزيون آنذاك مثل الأستاذ محمود سلطان وزينب سويدان.
ورغم تميزى فى أداء النشرة قال لى صفوت الشريف أكثر من مرة: «إنت عاملة قلق بره» والهانم الكبيرة زعلانة، وأنها تعلق كثيراً على شكلك وملابسك، وأحسست من كلامه أن هناك خطراً قد يلحق بى فى أية لحظة بسبب سوزان مبارك، وبعد فترة وجيزة تم استبعادى من نشرة التاسعة، والاكتفاء بنشرة الظهيرة، وزادت الفجوة بينى وبين سوزان مبارك عندما علمت أن قرار إبعادى كان بقرار منها.
رئاسة الجمهورية
فوجئت بعدها - كما تقول أمانى - بأن رئاسة الجمهورية اختارتنى مع الوفد الإعلامى المرافق للرئيس مبارك لأمريكا والمغرب، وفى رحلة العودة نشرت الأهرام صورة لى مع الرئيس السابق وزميلى صلاح الدين مصطفى، عندها علمت من مدام إقبال زوجة صفوت الشريف أن الهانم منزعجة جداً، وأدركت أنها سيدة لها تركيبة خاصة، وأنها كانت تقلق إذا وجدت سيدة تهتم بنفسها وتعمل بالقرب من القصر الجمهورى.
وأضافت أمانى أبو خزيم أنه فى زمن أنس الفقى الذى أعلن أنه خريج مدرسة سوزان مبارك، قام بعزلى من كل النشرات باستثناء نشرة السادسة، ورفض مقابلتى، كما رفض وساطة د. مصطفى الفقى.
وعندما اشتكيت للرئاسة راقبوا تليفونى وبدأوا يبحثون لى عن فضيحة، وقالوا إننى أتحدث مع عصمت أبو المعالى رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر وادعوا أننى منحته رشوة، ورغم نفى الرجل وعدم وجود تسجيلات صوتية أو أدلة اتهام أو شهود ألصقوا لى التهمة وقضيت أربع سنوات ونصف السنة خلف الجدران، وتأكدت أن سوزان مبارك كانت وراء كل هذه الجرائم حيث قامت بعمل قضية تهرب ضريبى لى، فى سابقة لم تحدث من قبل لأننى موظفة، رغم أن الحكومة تخصم الضرائب من راتبى أولاً بأول. وتقول: إن القاضى تغير 3 مرات لعدم وجود أدلة إدانة ضدى، وفى النهاية صدر الحكم عندها قلت: حسبى الله ونعم الوكيل فى سوزان مبارك وأن الله يمهل ولا يهمل.
وتضيف أمانى قائلة: لقد عشت فى السجن أياماً سوداء وكنت ضحية سوزان مبارك ولن أستريح إلا إذا رأيتها بين جدران السجن الذى قضيت فيه زهرة شبابى.
جميلة الجميلات
وإذا كان الشىء بالشىء يذكر فإن سجن القناطر ضم بين جدرانه مشاهير رجال الأعمال والفنانين وسيدات المجتمع، وأشهرهم على الإطلاق رجل الأعمال الفلسطينى محسن الصفدى الذى استدان من البنوك المصرية بغرض إنشاء مصانع لتكرير السكر، إلا أنه فشل فى سداد القروض وتأكدت الأجهزة الرقابية حينها أنه يروج لمشروعات وهمية على الورق فقط وهو يقضى الآن عقوبة مشددة فى سجن القناطر رقم (1) وهو الرجل الذى أطلقت عليه الصحافة لقب «حوت السكر».
أما منى الشافعى التى خرجت من السجن بعد تسوية مديونيتها مع البنوك فقد كانت تعيش عيشة الملوك، وكان الكل يتسابق على خدمتها نظراً لكلمتها النافذة، وخيرها الذى لم ينقطع يوماً على سجينات العنابر الأخرى، ومن المعلوم أن منى الشافعى كانت لها امبراطورية خاصة وكانت السجينات يتسابقن على خدمتها، أما راندا الشامى والتى كانت متهمة فى قضية المبيدات المسرطنة مع يوسف عبد الرحمن مستشار وزير الزراعة الأسبق والموجودة حالياً بين جدران السجن فقد أطلقت عليها الصحافة لقب «جميلة الجميلات»، والحق يقال فقد كانت ومازالت راندا الشامى فاتحة خير على السجينات لرعايتها أطفال النزيلات وصرف إعانات شهرية لهن والمساهمة فى تجديد وتطوير حضانة السجن.
أما هدى عبد المنعم المعروفة بالمرأة الحديدية فكانت ومازالت أشهر نزيلات سجن القناطر وأشدهن كرماً وبالتحديد فى المناسبات الدينية والأعياد وشهر رمضان وموسم دخول المدارس لأنها كانت تخصص مكافآت شهرية للأطفال المتفوقين والسجينات المثاليات، وكانت إدارة السجن ومازالت تشجعها على ذلك لأنها تعطى انطباعاً جيداً لأية زيارات مفاجئة سواء كانت للمنظمات الدولية أو حقوق الإنسان أو النيابة العامة أو تفتيش الداخلية.
كما كانت الفنانة وفاء مكى من أشهر نزيلات سجن القناطر وقد حكمت محكمة جنايات شبين الكوم برئاسة المستشار عصام محمد عليها بالسجن المشدد 10 سنوات وتم إيداعها فى عنبر «النفس» إلى أن جاءتها أمها ليلى الفار المتهمة معها فى قضية تعذيب الخادمتين بعد 11 يوماً من وجودها فى عنبر الإيراد.
وبدأت قضية وفاء مكى كما هو معلوم عندما استقبل أطباء مستشفى قويسنا العام فتاة مصابة بكدمات وسجحات وحروق خطيرة فى ساقيها وبطنها وظهرها، تبين من الفحص الأول أنها تعرضت للتعذيب لمدة 20 يوماً وبالبحث والتحرى تبين أن الفنانة وفاء مكى وأمها ليلى الفار قامتا بتعذيب الخادمتين مروة وشقيقتها هنادى لسرقتهما مصوغات ومشغولات ذهبية.
وبدلاً من أن تتبع وفاء الطرق القانونية وإبلاغ الشرطة مارست كل أنواع التعذيب على الفتاتين، وبعد العرض على النيابة قام القاضى بسجن وفاء وأمها 10 سنوات لارتكابهما جرائم بعيدة عن الإنسانية، كما جاء فى حيثيات الحكم.
حب فى الزنزانة
ولأن وفاء كانت ملتزمة بتعليمات السجن وحريصة على مبدأ السمع والطاعة فقد نالت محبة واحترام الجميع بداية من القيادات الشرطية وحتى السجّانة أو «النوباتجية» مما كان له أثر طيب عليها وعلى زملائها من النزيلات بعد تأكدهن أنها إنسانة متواضعة على عكس ما تعرضه مسلسلات التليفزيون.
وإذا كان الشىء بالشىء يذكر فإن الفنانة ماجدة الخطيب كان لها دور بارز فى إحياء الحفلات الفنية داخل السجن ودعوة المطربين لمشاركة السجينات أحزانهن التى كانت تعتصر قلوبهن.
والفنانة ماجدة الخطيب كانت - كما قالت الصحافة - متهمة فى قضية تعاطى وجلب مخدرات إلا أن مصادر أمنية سابقة أكدت لأكتوبر أنها كانت تحاكم فى قضية أشد خطورة ما لم يكن من المتوقع أن تتهم فيها مثل هذه الفنانة العظيمة العاشقة لتراب مصر.
ومن جانب آخر فقد قامت الفنانة سعاد حسنى بتقمص دور مسجونة فى عنبر 6 وهو العنبر المخصص لجرائم النفس، والمعروف بين النزيلات بعنبر «القتلة»، حيث كان يوجد شباك فى منتصف الثمانينات يطل على سجن الرجال كانت سعاد حسنى تلوح من خلاله بمنديل أخضر لحبيبها الذى بادلها نفس الشعور حيث تزوجا بعد خروجهما من السجن.
وفى تطور للأحداث قامت إدارة السجن ببناء هذا الشباك بالطوب والأسمنت لتقطع الصلة بين سجن النساء والمساجين الرجال خشية أن يتكرر فيلم «حب فى الزنزانة» على الطبيعة، وبالتالى يتحول سجن القناطر إلى شاطئ للغرام بدلاً من كونه تأديب وتهذيب وإصلاح.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق