المصدر : جريدة الشرق الاوسط
حسب الله الكفراوي: نهايات وزراء الدفاع في عهد الرئيس السابق كانت مؤسفة
قال في حوار مع «الشرق الأوسط»: نظام مبارك كالأخطبوط.. ذهب الرأس لكن الأذرع موجودة
منى مدكور
خزينة أسرار يحملها على ظهره المنهك، تقاطعت فيها خبرة واحد وثمانين ربيعا وحبه لبلده وعراكه مع تناقضات واقع سياسي قمعي، من أجل أن يظل هذا الحب قويا وشفيفا. وعلى الرغم من عثرات الحياة، ووطأة الكثير من المواقف التي تعرض لها إبان عمله على مدى 16 عاما وزيرا للإسكان والتعمير والمجتمعات العمرانية، لم يتخل عن خفة ظله ومشاغباته اللفظية الحارقة لكل رموز النظام السابق الذي عمل معه، ووجه للنظام انتقادات حادة، رافضا أن يتستر على فساده وإهدار مقدرات الوطن. في الحوار معه بمكتبه في القاهرة اغرورقت عيناه بالدموع مرتين، وبدا المهندس حسب الله الكفراوي، أحد أشهر وزراء الإسكان في مصر، كطفل حنون شديد التأثر حينما تحدث عن وزيري الدفاع الراحلين المشير عبد الغني الجمسي، والمشير محمد عبد الحليم أبو غزالة.
تنقلت خزينة أسرار الكفراوي بين عهدي الرئيس الراحل أنور السادات والرئيس السابق حسني مبارك، وعرف عنه أنه صاحب الرقم القياسي في تقديم استقالات مسببه لمبارك، وصلت ذروتها الكوميدية بعد أن وجهت له تهمة الانضمام إلى الجماعات الإسلامية. ومع ذلك كانت استقالاته في كل مرة ترفض إلى أن قبلت في الأخيرة وغادر موقعه، بعد أن قال له مستشار لمبارك: «كما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف».
ومع كل هذا لم يندهش كثيرا من قرار مبارك الشخصي بتحديد إقامته عقابا له على نقده اللاذع للحكومة وسياساتها في عام 2009، ولكن المدهش في الأمر أن الكفراوي وقتها استقبل القرار ضاحكا ومعلقا: «إن النظام الهش يحتاج إلى أن يكف ألسنة الناس عن طريق قرارات جمهورية». وإلى نص الحوار..
* أعلنت عقب الثورة عن تفاؤلك بها، هل ما زال هذا التفاؤل قائما في ظل ما يحدث من تطورات؟
- تفاؤلي بالثورة يرجع إلى سر معرفتي بمن يدير الأزمة التي تعيشها مصر حاليا وهم أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وعلى ثقة كبيرة بكل من حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وسامي عنان رئيس الأركان، وهذه الثقة ليست عفوية أو مجاملة، بل لقد زاملتهما منذ البدايات الأولى لكل منهما قبل أن يصلا إلى منصبيهما الحاليين وتحديدا من أيام السادات، لهذا أنا متفائل، على الرغم من كل ما يحدث.
* زاملت المشير محمد حسين طنطاوي فترة طويلة أثناء الوزارتين في عهد السادات ومبارك، ماذا تقوله عنه الآن وهو يترأس المجلس العسكري؟
- (المشير) طنطاوي أعرفه منذ أن كان لواء في الحرس الجمهوري منذ عهد السادات، وأعرفه رجلا نزيها، وشهما، وقليل الكلام، وحازما، وقادرا على اتخاذ القرارات الصعبة في أحلك الظروف دون أن يهتز.. والدليل على ذلك أن الجيش هو من حمى الثورة، ولقد عاصرته في الكثير من المواقف الصعبة وكان ينتصر للحق دائما، وفي يوم من الأيام انتصر لي وكرمني، على الرغم من خصومة كبيرة كانت بيني وبين النظام السابق بعد خروجي من وزارة الإسكان والتعمير.
* هل كنت متيقنا من انحياز المشير طنطاوي للثورة منذ بدايتها؟
- طنطاوي يعرف جيدا مصير من سبقوه من وزراء الدفاع، ويفهم ويعي حقيقة ما يحدث في البلد، ويعرف تماما كيف تعامل مبارك مع وزراء الدفاع السابقين كلهم، وكان الدور سيأتي عليه لا محالة إذا ما تخلى عن شعبه، فبداية من الجمسي، وكمال حسن علي، وأحمد بدوي، وأبو غزالة، ويوسف صبري أبو طالب، كانت النهايات مؤسفة.
* هل كنت شاهدا على ظلم أحد وزراء الدفاع هؤلاء؟
- (بعينين مغرورقتين بالدموع) المشير الجمسي كان رجلا راقيا وله تاريخ كبير في العسكرية المصرية، وهو من وقع لمصر اتفاقية (مفاوضات) الكيلو 101، عندما خرج من الخدمة العسكرية وطلب مني، بشكل شخصي، وأنا في الوزارة أن أساعده في «شغلانة».. واكتشفت أنه يريد مني أن أتوسط له في أن تقوم شركات المقاولات التي تتعامل معها الوزارة بإزالة بعض قوالب الطوب، مقابل نسبة صغيرة من المال سيحصل عليها من هذه الواسطة، وقتها بكيت وقلت: «يا خبر اسود.. المشير الجمسي وصلت به الحاجة إلى أن يسمسر في شوية طوب علشان يعرف يعيش». ثم توجهت على الفور إلى مبارك وطلبت منه أن يعينه مستشارا في أي جهة حكومية ويكفل له راتبا محترما كوزير دفاع سابق، لكن النتيجة أنه بعد هذا اللقاء بـ3 أيام كتبت الصحف أن مجموعة من «البلطجية» ذهبوا إلى شقة الجمسي المتواضعة وأوسعوه ضربا بهدف السرقة، ولما لم يجدوا شيئا انصرفوا، وقد كانت «علقة» تلقينية له حتى لا يتكلم مرة أخرى، لهذا آثر الصمت حتى مماته.
* هل هناك آخرون؟
- نعم، المشير كمال حسن علي، عندما خرج من الوزارة عمل كرئيس بنك خليجي، وبعد قليل من الأيام صدرت أوامر عليا بفصله من العمل، ثم مرض مرضا صعبا جعل كل جسده منتفخا بالمياه، ولم يجد ما يصرفه للعلاج حتى وفاته بعدما رفض مبارك الرد على مهاتفاته. وهناك أيضا المشير الراحل أبو غزالة، الذي أصفه بأنه «وتد» وقامة كبيرة وكان مبارك دائما يوقع بينا، ومع ذلك فإني كنت أحبه جدا وأحترمه، لكن ما فعله مبارك به ضد الإنسانية والشرف العسكري والله شاهد على أنه بريء من كل ما نسب إليه، وقد رأيته آخر مرة وهو على سرير الموت في مستشفى الجلاء قبل 24 ساعة من وفاته وانهمرنا في بكاء مرير.. والدليل على شرفه أنه كان في يده أن يحكم مصر مرتين ولم يفعلها، مرة يوم حادث المنصة، ومرة أيام أحداث الأمن المركزي.
* كيف تصف الحالة التي تعيشها مصر الآن؟
- الوزارة الحالية كل من هم فيها محل ثقة، ويعملون على استعادة ثقة الشعب لأنه من المستحيل أن يضحي أعضاء المجلس العسكري أو أعضاء الوزارة بسمعتهم أبدا، ولكن الموقف الحالي صعب للغاية والشرطة مهترئة، والأمن غائب، بالإضافة إلى الكم الهائل من ملفات الفساد ما بين تحقيقات نيابة ومحاكمات، فالفساد في مصر كان «فاجرا لا يستحي» لرموز النظام وأذنابه، فضلا عن أن الإعلام منفلت ليس عليه رقابة، وكل ما يصله من معلومات يقولها، كل هذه العوامل تؤدي إلى الحالة المقلقة التي تعيشها مصر.. إنه مأزق حقيقي.
* هل رموز النظام السابق لهم يد في ما يحدث في مصر من قلاقل؟
- الفساد ورموزه لم يستسلموا، بل إن النظام السابق جند أعوانه للنيل من الثورة، من خلال «البلطجية»، وهي ميليشيات ممنهجة تابعة للنظام السابق، تنقسم كذلك إلى مجموعات وفئات كل حسب طبيعة تدريبه وموقعه وما يحققه لهم من مكاسب ضد الثورة وحسم مواقف لصالح النظام السابق، فهناك منهم من يحصل على 6000 جنيه في اليوم الواحد، وهناك من يحصل على 200 جنيه، والمصيبة أن هذه الأموال مدفوعة من دمنا لا من جيوب هؤلاء الأشخاص.
* كيف يمكن معالجة الغياب الأمني من وجهة نظرك؟
- الضابط موظف عام ومن يخاف يقعد في بيته، ما دام الضابط سينزل إلى الشارع من أجل أن يطبق القانون ويلتزم به فلمَ الخوف؟ قبل وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، كان هناك شعار واضح هو أن «الشرطة في خدمة الشعب»، لكن بعد أن تولى العادلي، اختلت المعايير، ولم يعد الشعار قائما. وإذا كانت الأمور صعبة في إيجاد بدائل، فيمكن أن أملأ الفراغ الأمني من خلال ترقية بعض أمناء الشرطة، بالإضافة إلى الاستعانة بالإعداد الكبيرة من الأمن المركزي.. هناك حلول كثيرة لكن الوضع الأمني الحالي هذا غير مقبول بالمرة.
* ترددت أقاويل عن ضغوط عربية ودولية للإفراج عن مبارك وسط تكهنات بعزمه نشر خطاب اعتذار للشعب المصري، فكيف ترى ذلك؟
- أقول لكل من يريد أن يفرج عن مبارك من خلال ممارسة الضغوط على مصر، من يرد أن يجامل مبارك فليجامله من خلال هدية شخصية أو «عزومة غداء».. ولكن لا يجامل بمقدرات شعب بأكمله تعداده (نحو) 85 مليون شخص، فلا يمكن أبدا أن نقول اليوم لمبارك «عفا الله عما سلف»، بعد ما ذبح مصر طوال 30 عاما.
* هل تتوقع أن يكون لإسرائيل دور ما في هذه الضغوط؟
- إسرائيل هي المحرك الأول لضغوط الإفراج عن مبارك؛ ولكني أقول لهم: ادفعوا ما سرقه مبارك وعائلته طبقا للقانون وخذوه هو وباقي العائلة الكريمة.. فإسرائيل تحديدا هي أكثر متضرر من غياب مبارك، فقد كان «عبد المأمور المطيع» لكل من إسرائيل وأميركا، والدليل على ذلك أن أقرب شخص له رجل الأعمال الهارب حسين سالم، (المتهم بأنه) شريك مبارك في (تهم) تجارة السلاح والبترول والخصخصة والأراضي وديون مصر؛ مواسير الفساد الـ5، لا يجد أي مأوى له في العالم غير إسرائيل يحتمي بها؛ فماذا يعني هذا؟ وذلك بعد أن صدر بحقه قرار الإنتربول الدولي بالقبض عليه.
* لماذا حُددت إقامتك عام 2009؟
- (لأنني) تكلمت عن التوريث في حديث وقلت إن الذي يريد أن يورث شيئا، يورث عزبة، أو سيارة، أو ممتلكات خاصة لا بلدا بشعبه.. واكتشفت بعد ذلك أنه كان صحافيا مدسوسا علي من صفوت الشريف، وقد طلب مني الإدلاء ببعض التصريحات الخاصة بكتاب يؤلفه في مجال الهندسة، ثم تم نشر الحلقة الأولى في صحيفة «صوت الأمة»، وأنا لا أغير كلامي، ولكن هذا الصحافي مدسوس على شخصي، وبالفعل قام وائل الإبراشي (رئيس تحرير الصحيفة وقتها) بالاعتذار ولم ينشر الحلقة الثانية من الحوار.
* ما هي كواليس مقال «الوزير القديس» التي أثارت ضجة وقتها؟
- «قصة فساد الوزير القديس»، كان مقالا ضدي يتهمني بالتربح غير المشروع في مجلة «روزاليوسف»، وكان من ورائه بصمتان (صفوت الشريف، وجمال مبارك)، ولقد أرسلت مذكرة لكرم جبر وقتها رئيس مجلس الإدارة وطلبت فيها أن يسأل جمال الابن والده مبارك عن إقرارات الذمة المالية لي على مدار خدمتي في الوزارة 13 عاما، وإذا كان فيها أي زيادة فأنا سأقدم نفسي إلى النائب العام طواعية، أما إذا ما لم يكن بها شيء فأنا أحتسب ما حدث لي عند الله، وقلت لجمال: «اسأل والدك أيضا هل الناس اللي بيوتها من زجاج تحدف (تقذف) الناس بجبل جرانيت».
* قدمت استقالتك 3 مرات، ما هي كواليس هذه الاستقالات؟
- حينما اتهمتني تقارير أمن الدولة بأني منضم إلى الجماعات الإسلامية وصديق لكل من عمر التلمساني ومهدي عاكف ومصطفى مشهور من قيادات الإخوان المسلمين، وقد جاءني خطاب مبارك بناء على هذا التقرير مذيلا بجملة «أرجو الإفادة» فرددت بخطاب استقالة مذيل بجملة: «كل ما جاء في التقارير صحيح تماما»، فأنا لا أنكر أني تعاملت مع هؤلاء الأشخاص ولا أخاف من شيء. أما الاستقالة الثانية فقد كانت بسبب رفض مبارك ترشحي لنقابة المهندسين، واعتبرت هذا إجحافا لحقي، فقدمت استقالتي لأن النظام كان يريد شخصا بعينه كان سيضيع النقابة إذا تولاها. أما الثالثة فقد كانت مدوية وقتها وكانت مسببة أيضا، وهي التي قبلت وقال لي أسامة الباز، المستشار السياسي لمبارك وقتها: «زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف»، في حين ردني مبارك في المرتين الأوليين.
* كيف تنظر إلى ما يتردد عن ثروة آل مبارك وموضوع تجارة السلاح؟
- دعاني السفير أبو بكر عبد الغفار، سفير مصر لدى إسبانيا، على العشاء أثناء زيارة لي هناك، وأثناء جلوسنا شاهدت سيارة فاخرة ذات 6 أبواب، فقال لي إنها سيارة مصرية وتتبع مكتب السلاح وهذا المكتب لحسين سالم ومبارك للتجارة في السلاح، وإسبانيا كلها تعرف ذلك، ولقد أرسلت هذا الكلام إلى وزارة الخارجية المصرية وواجهت مبارك بهذه الرواية حينما عدت إلى مصر فاسود وجهه ولم ينف المعلومة.
* ما قصة المتاجرة بديون مصر في الخارج، وهل تحدثت مع مبارك بشأنها؟
- نفرض أن دولة من الدول لها 10 قروش عند مصر (كديون) معدومة لا تعرف كيف تأخذها، فتقول لنا لو أعدتم لي 3 أو 4 قروش سأقبل بها، فيقوم جمال بالحصول من الحكومة على الـ10 قروش كلها ويعطي الدولة صاحبة الدين 3 قروش فقط، ويأخذ الباقي له. ولقد واجهت مبارك بهذه المعلومات التي عرفتها مبكرا، فقال لي مبارك: «إيه يا كفراوي.. يعني الولد ما يشتغلش؟». واقترحت عليه أن يعمل جمال في أي مجال آخر ما عدا المتاجرة في ديون مصر.
* هل أبلغت مبارك في أي وقت مضى أن هناك نارا تحت الرماد وقد كنت من الموثوق بهم لديه؟
- أرسلت له منذ 5 سنوات تقريبا خطابا نصحته فيه أن يعين اللواء عمر سليمان نائبا له وأن يعيد تشكيل الحكومة وأن يعطي فرصة حقيقية لصالح الديمقراطية، لأن البلد في حالة غليان والقادم صعب لا محالة، فاتصل بي رئيس ديوانه، زكريا عزمي، وقال لي بالحرف: «الجواب وصل للريس وبيقولك ما تقلقش البلد ممسوكة كويس». قلت له: «ربنا يخلي لكم الأمن المركزي».
* ما مصير مشروع «جبل علي» الذي دشنته حين كنت في الوزارة؟
- المنطقة الصناعية في جبل علي كان مشروعا مصريا خالصا وفي أواخر الثمانينات جاء وفد ياباني كبير يضم 200 رجل أعمال ياباني بالتنسيق مع الوزارة وقتها لتوقيع الاتفاقيات، ولكن أضاعه علاء مبارك لأنه أراد الحصول على توكيلات يابانية في مصر بطريقة معينة، واليابانيون عندهم «اللي يرتشي بغدوة.. ينتحر». فألغى اليابانيون الفكرة تماما ونقلوا المشروع كله إلى الإمارات العربية المتحدة.
* عملت مع كل من السادات ومبارك، هل تعقد مقارنة بينهما؟
- لا وجه للمقارنة، لقد عملت مع السادات 5 سنوات فقط إلا إنه كان رجلا وطنيا شريفا، صاحب قرار، متجردا، ولم تكن له مصلحة سوى مصر.. أما مبارك فلا تعليق.
* هل صحيح أن السادات كان ينوي تغيير مبارك كنائب له؟
- الله شاهد.. السادات كان بعد احتفالات أكتوبر (تشرين الأول) 1981 كان سيغير النائب وقتها محمد حسني مبارك، ولكن القدر كان له كلمة أخرى. وقد قال لي ذلك صراحة في طائرة هليكوبتر جمعتنا معا يوم 4 أكتوبر 1981، وقد قال أيضا إن مهمته انتهت كرئيس للجمهورية، وإنه كان ينوي أن يقيم احتفالات كبرى في مصر يوم 25 أبريل (نيسان) التالي بعد عودة طابا ويترك السلطة ويعتزل، وقال لي بالحرف الواحد: «من حق مصر أن تنعم بالديمقراطية وكفاية عليها حكم عسكر.. وأنا آخر الفراعنة».
* لماذا رفضت الإدلاء بشهادتك في إعادة فتح التحقيق في قضية اغتيال السادات وقد كنت شاهدا؟
- لأني لا أملك دليلا على أن مبارك شارك في اغتيال السادات، وإعادة فتح التحقيق في اغتيال السادات أمر مهم، ولكن لا يمكنني أن أذهب إلى النائب العام وأقول له: «أنا سمعت..». (هذا) عيب.. لهذا رفضت الإدلاء بشهادتي لأنني لا أملك مستندات، ولو كنت أملكها لكنت ذهبت بنفسي له.
* ولكنك قلت إن إسرائيل تآمرت على قتل السادات..
- مما لا شك فيه أن السادات خلص مأموريته بالنسبة لإسرائيل والأميركيين فكان لا بد أن «ينزاح (يخرج)». والعواجيز أمثالي يعرفون الكثير حول هذا الأمر.
المهندس الكفراوي في سطور
* شغل موقع وزير الإسكان لمدة 16 عاما من عام 1977 حتى 1993.
* تم تعيينه محافظا لدمياط (مسقط رأسه) عام 1976، وتم تعيينه رئيسا لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة عام 1980، وانتخب نقيبا للمهندسين عام 1991.
* يعتبره البعض أنه «أبو المدن الجديدة» (مدن: 6 أكتوبر، والعاشر من رمضان، والسادات، ودمياط الجديدة.. وغيرها). بدأها جميعا في وقت واحد.
* أسس «بنك الإسكان والتعمير» في عام 1978 بهدف تمويل مشاريع بناء الوحدات السكنية للشباب.
حسب الله الكفراوي: نهايات وزراء الدفاع في عهد الرئيس السابق كانت مؤسفة
قال في حوار مع «الشرق الأوسط»: نظام مبارك كالأخطبوط.. ذهب الرأس لكن الأذرع موجودة
منى مدكور
خزينة أسرار يحملها على ظهره المنهك، تقاطعت فيها خبرة واحد وثمانين ربيعا وحبه لبلده وعراكه مع تناقضات واقع سياسي قمعي، من أجل أن يظل هذا الحب قويا وشفيفا. وعلى الرغم من عثرات الحياة، ووطأة الكثير من المواقف التي تعرض لها إبان عمله على مدى 16 عاما وزيرا للإسكان والتعمير والمجتمعات العمرانية، لم يتخل عن خفة ظله ومشاغباته اللفظية الحارقة لكل رموز النظام السابق الذي عمل معه، ووجه للنظام انتقادات حادة، رافضا أن يتستر على فساده وإهدار مقدرات الوطن. في الحوار معه بمكتبه في القاهرة اغرورقت عيناه بالدموع مرتين، وبدا المهندس حسب الله الكفراوي، أحد أشهر وزراء الإسكان في مصر، كطفل حنون شديد التأثر حينما تحدث عن وزيري الدفاع الراحلين المشير عبد الغني الجمسي، والمشير محمد عبد الحليم أبو غزالة.
تنقلت خزينة أسرار الكفراوي بين عهدي الرئيس الراحل أنور السادات والرئيس السابق حسني مبارك، وعرف عنه أنه صاحب الرقم القياسي في تقديم استقالات مسببه لمبارك، وصلت ذروتها الكوميدية بعد أن وجهت له تهمة الانضمام إلى الجماعات الإسلامية. ومع ذلك كانت استقالاته في كل مرة ترفض إلى أن قبلت في الأخيرة وغادر موقعه، بعد أن قال له مستشار لمبارك: «كما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف».
ومع كل هذا لم يندهش كثيرا من قرار مبارك الشخصي بتحديد إقامته عقابا له على نقده اللاذع للحكومة وسياساتها في عام 2009، ولكن المدهش في الأمر أن الكفراوي وقتها استقبل القرار ضاحكا ومعلقا: «إن النظام الهش يحتاج إلى أن يكف ألسنة الناس عن طريق قرارات جمهورية». وإلى نص الحوار..
* أعلنت عقب الثورة عن تفاؤلك بها، هل ما زال هذا التفاؤل قائما في ظل ما يحدث من تطورات؟
- تفاؤلي بالثورة يرجع إلى سر معرفتي بمن يدير الأزمة التي تعيشها مصر حاليا وهم أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وعلى ثقة كبيرة بكل من حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وسامي عنان رئيس الأركان، وهذه الثقة ليست عفوية أو مجاملة، بل لقد زاملتهما منذ البدايات الأولى لكل منهما قبل أن يصلا إلى منصبيهما الحاليين وتحديدا من أيام السادات، لهذا أنا متفائل، على الرغم من كل ما يحدث.
* زاملت المشير محمد حسين طنطاوي فترة طويلة أثناء الوزارتين في عهد السادات ومبارك، ماذا تقوله عنه الآن وهو يترأس المجلس العسكري؟
- (المشير) طنطاوي أعرفه منذ أن كان لواء في الحرس الجمهوري منذ عهد السادات، وأعرفه رجلا نزيها، وشهما، وقليل الكلام، وحازما، وقادرا على اتخاذ القرارات الصعبة في أحلك الظروف دون أن يهتز.. والدليل على ذلك أن الجيش هو من حمى الثورة، ولقد عاصرته في الكثير من المواقف الصعبة وكان ينتصر للحق دائما، وفي يوم من الأيام انتصر لي وكرمني، على الرغم من خصومة كبيرة كانت بيني وبين النظام السابق بعد خروجي من وزارة الإسكان والتعمير.
* هل كنت متيقنا من انحياز المشير طنطاوي للثورة منذ بدايتها؟
- طنطاوي يعرف جيدا مصير من سبقوه من وزراء الدفاع، ويفهم ويعي حقيقة ما يحدث في البلد، ويعرف تماما كيف تعامل مبارك مع وزراء الدفاع السابقين كلهم، وكان الدور سيأتي عليه لا محالة إذا ما تخلى عن شعبه، فبداية من الجمسي، وكمال حسن علي، وأحمد بدوي، وأبو غزالة، ويوسف صبري أبو طالب، كانت النهايات مؤسفة.
* هل كنت شاهدا على ظلم أحد وزراء الدفاع هؤلاء؟
- (بعينين مغرورقتين بالدموع) المشير الجمسي كان رجلا راقيا وله تاريخ كبير في العسكرية المصرية، وهو من وقع لمصر اتفاقية (مفاوضات) الكيلو 101، عندما خرج من الخدمة العسكرية وطلب مني، بشكل شخصي، وأنا في الوزارة أن أساعده في «شغلانة».. واكتشفت أنه يريد مني أن أتوسط له في أن تقوم شركات المقاولات التي تتعامل معها الوزارة بإزالة بعض قوالب الطوب، مقابل نسبة صغيرة من المال سيحصل عليها من هذه الواسطة، وقتها بكيت وقلت: «يا خبر اسود.. المشير الجمسي وصلت به الحاجة إلى أن يسمسر في شوية طوب علشان يعرف يعيش». ثم توجهت على الفور إلى مبارك وطلبت منه أن يعينه مستشارا في أي جهة حكومية ويكفل له راتبا محترما كوزير دفاع سابق، لكن النتيجة أنه بعد هذا اللقاء بـ3 أيام كتبت الصحف أن مجموعة من «البلطجية» ذهبوا إلى شقة الجمسي المتواضعة وأوسعوه ضربا بهدف السرقة، ولما لم يجدوا شيئا انصرفوا، وقد كانت «علقة» تلقينية له حتى لا يتكلم مرة أخرى، لهذا آثر الصمت حتى مماته.
* هل هناك آخرون؟
- نعم، المشير كمال حسن علي، عندما خرج من الوزارة عمل كرئيس بنك خليجي، وبعد قليل من الأيام صدرت أوامر عليا بفصله من العمل، ثم مرض مرضا صعبا جعل كل جسده منتفخا بالمياه، ولم يجد ما يصرفه للعلاج حتى وفاته بعدما رفض مبارك الرد على مهاتفاته. وهناك أيضا المشير الراحل أبو غزالة، الذي أصفه بأنه «وتد» وقامة كبيرة وكان مبارك دائما يوقع بينا، ومع ذلك فإني كنت أحبه جدا وأحترمه، لكن ما فعله مبارك به ضد الإنسانية والشرف العسكري والله شاهد على أنه بريء من كل ما نسب إليه، وقد رأيته آخر مرة وهو على سرير الموت في مستشفى الجلاء قبل 24 ساعة من وفاته وانهمرنا في بكاء مرير.. والدليل على شرفه أنه كان في يده أن يحكم مصر مرتين ولم يفعلها، مرة يوم حادث المنصة، ومرة أيام أحداث الأمن المركزي.
* كيف تصف الحالة التي تعيشها مصر الآن؟
- الوزارة الحالية كل من هم فيها محل ثقة، ويعملون على استعادة ثقة الشعب لأنه من المستحيل أن يضحي أعضاء المجلس العسكري أو أعضاء الوزارة بسمعتهم أبدا، ولكن الموقف الحالي صعب للغاية والشرطة مهترئة، والأمن غائب، بالإضافة إلى الكم الهائل من ملفات الفساد ما بين تحقيقات نيابة ومحاكمات، فالفساد في مصر كان «فاجرا لا يستحي» لرموز النظام وأذنابه، فضلا عن أن الإعلام منفلت ليس عليه رقابة، وكل ما يصله من معلومات يقولها، كل هذه العوامل تؤدي إلى الحالة المقلقة التي تعيشها مصر.. إنه مأزق حقيقي.
* هل رموز النظام السابق لهم يد في ما يحدث في مصر من قلاقل؟
- الفساد ورموزه لم يستسلموا، بل إن النظام السابق جند أعوانه للنيل من الثورة، من خلال «البلطجية»، وهي ميليشيات ممنهجة تابعة للنظام السابق، تنقسم كذلك إلى مجموعات وفئات كل حسب طبيعة تدريبه وموقعه وما يحققه لهم من مكاسب ضد الثورة وحسم مواقف لصالح النظام السابق، فهناك منهم من يحصل على 6000 جنيه في اليوم الواحد، وهناك من يحصل على 200 جنيه، والمصيبة أن هذه الأموال مدفوعة من دمنا لا من جيوب هؤلاء الأشخاص.
* كيف يمكن معالجة الغياب الأمني من وجهة نظرك؟
- الضابط موظف عام ومن يخاف يقعد في بيته، ما دام الضابط سينزل إلى الشارع من أجل أن يطبق القانون ويلتزم به فلمَ الخوف؟ قبل وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، كان هناك شعار واضح هو أن «الشرطة في خدمة الشعب»، لكن بعد أن تولى العادلي، اختلت المعايير، ولم يعد الشعار قائما. وإذا كانت الأمور صعبة في إيجاد بدائل، فيمكن أن أملأ الفراغ الأمني من خلال ترقية بعض أمناء الشرطة، بالإضافة إلى الاستعانة بالإعداد الكبيرة من الأمن المركزي.. هناك حلول كثيرة لكن الوضع الأمني الحالي هذا غير مقبول بالمرة.
* ترددت أقاويل عن ضغوط عربية ودولية للإفراج عن مبارك وسط تكهنات بعزمه نشر خطاب اعتذار للشعب المصري، فكيف ترى ذلك؟
- أقول لكل من يريد أن يفرج عن مبارك من خلال ممارسة الضغوط على مصر، من يرد أن يجامل مبارك فليجامله من خلال هدية شخصية أو «عزومة غداء».. ولكن لا يجامل بمقدرات شعب بأكمله تعداده (نحو) 85 مليون شخص، فلا يمكن أبدا أن نقول اليوم لمبارك «عفا الله عما سلف»، بعد ما ذبح مصر طوال 30 عاما.
* هل تتوقع أن يكون لإسرائيل دور ما في هذه الضغوط؟
- إسرائيل هي المحرك الأول لضغوط الإفراج عن مبارك؛ ولكني أقول لهم: ادفعوا ما سرقه مبارك وعائلته طبقا للقانون وخذوه هو وباقي العائلة الكريمة.. فإسرائيل تحديدا هي أكثر متضرر من غياب مبارك، فقد كان «عبد المأمور المطيع» لكل من إسرائيل وأميركا، والدليل على ذلك أن أقرب شخص له رجل الأعمال الهارب حسين سالم، (المتهم بأنه) شريك مبارك في (تهم) تجارة السلاح والبترول والخصخصة والأراضي وديون مصر؛ مواسير الفساد الـ5، لا يجد أي مأوى له في العالم غير إسرائيل يحتمي بها؛ فماذا يعني هذا؟ وذلك بعد أن صدر بحقه قرار الإنتربول الدولي بالقبض عليه.
* لماذا حُددت إقامتك عام 2009؟
- (لأنني) تكلمت عن التوريث في حديث وقلت إن الذي يريد أن يورث شيئا، يورث عزبة، أو سيارة، أو ممتلكات خاصة لا بلدا بشعبه.. واكتشفت بعد ذلك أنه كان صحافيا مدسوسا علي من صفوت الشريف، وقد طلب مني الإدلاء ببعض التصريحات الخاصة بكتاب يؤلفه في مجال الهندسة، ثم تم نشر الحلقة الأولى في صحيفة «صوت الأمة»، وأنا لا أغير كلامي، ولكن هذا الصحافي مدسوس على شخصي، وبالفعل قام وائل الإبراشي (رئيس تحرير الصحيفة وقتها) بالاعتذار ولم ينشر الحلقة الثانية من الحوار.
* ما هي كواليس مقال «الوزير القديس» التي أثارت ضجة وقتها؟
- «قصة فساد الوزير القديس»، كان مقالا ضدي يتهمني بالتربح غير المشروع في مجلة «روزاليوسف»، وكان من ورائه بصمتان (صفوت الشريف، وجمال مبارك)، ولقد أرسلت مذكرة لكرم جبر وقتها رئيس مجلس الإدارة وطلبت فيها أن يسأل جمال الابن والده مبارك عن إقرارات الذمة المالية لي على مدار خدمتي في الوزارة 13 عاما، وإذا كان فيها أي زيادة فأنا سأقدم نفسي إلى النائب العام طواعية، أما إذا ما لم يكن بها شيء فأنا أحتسب ما حدث لي عند الله، وقلت لجمال: «اسأل والدك أيضا هل الناس اللي بيوتها من زجاج تحدف (تقذف) الناس بجبل جرانيت».
* قدمت استقالتك 3 مرات، ما هي كواليس هذه الاستقالات؟
- حينما اتهمتني تقارير أمن الدولة بأني منضم إلى الجماعات الإسلامية وصديق لكل من عمر التلمساني ومهدي عاكف ومصطفى مشهور من قيادات الإخوان المسلمين، وقد جاءني خطاب مبارك بناء على هذا التقرير مذيلا بجملة «أرجو الإفادة» فرددت بخطاب استقالة مذيل بجملة: «كل ما جاء في التقارير صحيح تماما»، فأنا لا أنكر أني تعاملت مع هؤلاء الأشخاص ولا أخاف من شيء. أما الاستقالة الثانية فقد كانت بسبب رفض مبارك ترشحي لنقابة المهندسين، واعتبرت هذا إجحافا لحقي، فقدمت استقالتي لأن النظام كان يريد شخصا بعينه كان سيضيع النقابة إذا تولاها. أما الثالثة فقد كانت مدوية وقتها وكانت مسببة أيضا، وهي التي قبلت وقال لي أسامة الباز، المستشار السياسي لمبارك وقتها: «زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف»، في حين ردني مبارك في المرتين الأوليين.
* كيف تنظر إلى ما يتردد عن ثروة آل مبارك وموضوع تجارة السلاح؟
- دعاني السفير أبو بكر عبد الغفار، سفير مصر لدى إسبانيا، على العشاء أثناء زيارة لي هناك، وأثناء جلوسنا شاهدت سيارة فاخرة ذات 6 أبواب، فقال لي إنها سيارة مصرية وتتبع مكتب السلاح وهذا المكتب لحسين سالم ومبارك للتجارة في السلاح، وإسبانيا كلها تعرف ذلك، ولقد أرسلت هذا الكلام إلى وزارة الخارجية المصرية وواجهت مبارك بهذه الرواية حينما عدت إلى مصر فاسود وجهه ولم ينف المعلومة.
* ما قصة المتاجرة بديون مصر في الخارج، وهل تحدثت مع مبارك بشأنها؟
- نفرض أن دولة من الدول لها 10 قروش عند مصر (كديون) معدومة لا تعرف كيف تأخذها، فتقول لنا لو أعدتم لي 3 أو 4 قروش سأقبل بها، فيقوم جمال بالحصول من الحكومة على الـ10 قروش كلها ويعطي الدولة صاحبة الدين 3 قروش فقط، ويأخذ الباقي له. ولقد واجهت مبارك بهذه المعلومات التي عرفتها مبكرا، فقال لي مبارك: «إيه يا كفراوي.. يعني الولد ما يشتغلش؟». واقترحت عليه أن يعمل جمال في أي مجال آخر ما عدا المتاجرة في ديون مصر.
* هل أبلغت مبارك في أي وقت مضى أن هناك نارا تحت الرماد وقد كنت من الموثوق بهم لديه؟
- أرسلت له منذ 5 سنوات تقريبا خطابا نصحته فيه أن يعين اللواء عمر سليمان نائبا له وأن يعيد تشكيل الحكومة وأن يعطي فرصة حقيقية لصالح الديمقراطية، لأن البلد في حالة غليان والقادم صعب لا محالة، فاتصل بي رئيس ديوانه، زكريا عزمي، وقال لي بالحرف: «الجواب وصل للريس وبيقولك ما تقلقش البلد ممسوكة كويس». قلت له: «ربنا يخلي لكم الأمن المركزي».
* ما مصير مشروع «جبل علي» الذي دشنته حين كنت في الوزارة؟
- المنطقة الصناعية في جبل علي كان مشروعا مصريا خالصا وفي أواخر الثمانينات جاء وفد ياباني كبير يضم 200 رجل أعمال ياباني بالتنسيق مع الوزارة وقتها لتوقيع الاتفاقيات، ولكن أضاعه علاء مبارك لأنه أراد الحصول على توكيلات يابانية في مصر بطريقة معينة، واليابانيون عندهم «اللي يرتشي بغدوة.. ينتحر». فألغى اليابانيون الفكرة تماما ونقلوا المشروع كله إلى الإمارات العربية المتحدة.
* عملت مع كل من السادات ومبارك، هل تعقد مقارنة بينهما؟
- لا وجه للمقارنة، لقد عملت مع السادات 5 سنوات فقط إلا إنه كان رجلا وطنيا شريفا، صاحب قرار، متجردا، ولم تكن له مصلحة سوى مصر.. أما مبارك فلا تعليق.
* هل صحيح أن السادات كان ينوي تغيير مبارك كنائب له؟
- الله شاهد.. السادات كان بعد احتفالات أكتوبر (تشرين الأول) 1981 كان سيغير النائب وقتها محمد حسني مبارك، ولكن القدر كان له كلمة أخرى. وقد قال لي ذلك صراحة في طائرة هليكوبتر جمعتنا معا يوم 4 أكتوبر 1981، وقد قال أيضا إن مهمته انتهت كرئيس للجمهورية، وإنه كان ينوي أن يقيم احتفالات كبرى في مصر يوم 25 أبريل (نيسان) التالي بعد عودة طابا ويترك السلطة ويعتزل، وقال لي بالحرف الواحد: «من حق مصر أن تنعم بالديمقراطية وكفاية عليها حكم عسكر.. وأنا آخر الفراعنة».
* لماذا رفضت الإدلاء بشهادتك في إعادة فتح التحقيق في قضية اغتيال السادات وقد كنت شاهدا؟
- لأني لا أملك دليلا على أن مبارك شارك في اغتيال السادات، وإعادة فتح التحقيق في اغتيال السادات أمر مهم، ولكن لا يمكنني أن أذهب إلى النائب العام وأقول له: «أنا سمعت..». (هذا) عيب.. لهذا رفضت الإدلاء بشهادتي لأنني لا أملك مستندات، ولو كنت أملكها لكنت ذهبت بنفسي له.
* ولكنك قلت إن إسرائيل تآمرت على قتل السادات..
- مما لا شك فيه أن السادات خلص مأموريته بالنسبة لإسرائيل والأميركيين فكان لا بد أن «ينزاح (يخرج)». والعواجيز أمثالي يعرفون الكثير حول هذا الأمر.
المهندس الكفراوي في سطور
* شغل موقع وزير الإسكان لمدة 16 عاما من عام 1977 حتى 1993.
* تم تعيينه محافظا لدمياط (مسقط رأسه) عام 1976، وتم تعيينه رئيسا لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة عام 1980، وانتخب نقيبا للمهندسين عام 1991.
* يعتبره البعض أنه «أبو المدن الجديدة» (مدن: 6 أكتوبر، والعاشر من رمضان، والسادات، ودمياط الجديدة.. وغيرها). بدأها جميعا في وقت واحد.
* أسس «بنك الإسكان والتعمير» في عام 1978 بهدف تمويل مشاريع بناء الوحدات السكنية للشباب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق